يتصرف العديد من الأفراد بعفوية مع أموره المالية، مما يؤدي به إلى مواجهة مشاكل مالية وعسر مالي مفاجئ في بعض الأحيان، واللجوء إلى الاقتراض مما يفاقم العجز المالي، ومن ناحية أخرى فإن ذلك يعمل على بناء عادات مالية سلبية دون إحساس الفرد بذلك.
إن الوعي بأهمية تنظيم الأمور المالية يعطينا القدرة على السيطرة على ميزانيتنا ويجنبنا الكثير من المشاكل المالية التي سنواجهها على المدى الطويل، في هذا المقال سنستعرض أشهر الأخطاء المالية التي نقع بها في حياتنا العادية.
أولاً: العيش من الراتب إلى الراتب
يتميز العمل براتب شهري بأنه قليل المخاطر، ألا أن العمل براتب شهري يعني المحدودية في الموارد حيث يعتمد البعض على الدخل بشكل كلي، لذلك لابد من التصرف بحكمة فيما يخص التعامل مع هذه الموارد المحدودة.
يلاحظ عند بعض الأفراد أنهم يتأثرون بشعور الثراء مع استلام الراتب فيبدأون بالانفاق غير المخطط له، أحياناً قبل الوفاء بالإلتزامات دون مراعاة إبقاء الحد اللازم للحاجات الأساسية مما يضطرهم لاحقا إلى الاقتراض لإتمام المصاريف الشهرية، وهذه تعتبر أبرز خطأ قد يقوم به من يعمل براتب شهري، فلا بد من التخطيط لكيفية إنفاق الراتب وتحديد المبالغ المتاحة للإنفاق والمبالغ المخصصة للوفاء بالحاجات.
يفرض العمل براتب شهري على الفرد البقاء ضمن دائرة مغلقة حيث يستلم الراتب ينفقه ليتم ما تبقى من الشهر بحالة تقشف إلى حين الراتب الذي بعده، لا خلاف أن العمل براتب يعطي أمان مالي من حيث وجود موارد ثابتة، إلا أنها تقضي على حافز السعي لتطوير الدخل، لتفادي هذا الخطأ عزيزي القارئ لابد من التخطيط للإنفاق وتخصيص جزء منه للادخار مهما كان بسيطاً كي لا نلجأ للاقتراض، وإيجاد مصدر دخل إضافي يعزز مكانتنا المالية.
ثانياً: عدم إنشاء صندوق للطوارئ
في مواجهتنا لضغوطاتنا المالية فإننا نضطر إلى الوفاء بالإلتزامات الآنية حتى لو استغرقت جميع الدخل، دون الإلتفات لأهمية تخصيص جزء من الدخل للظروف الطارئة مثل الحاجة لطبيب، أو حاجة البيت لصيانة لم تكن بالحسبان، أو ظهور أي نفقة غير مخطط لها.
في هذه الحالات سنضطر للاقتراض والرضوخ لشروط المقرض هذا في حال وجدنا الشخص الذي سيقوم بالاقراض!، مهما كان الدخل المتاح لابد من تخصيص جزء منه أو نسبة محددة للطوارئ وعدم التصرف بها، تراكم هذه المخصصات سيشعرك بالأمان النسبي. يشير عدد من مختصي التخطيط أنه لابد من تخصيص ما مقداره ثلاث رواتب شهرية في صندوق الادخار لمواجهة الحالات الطارئة الرئيسية مثل حلات التعطل الإجباري عن العمل.
كما يمكن تغذية هذا الصندوق بالأجزاء من الدخل غير المنتظمة، مثل مكآفأة عمل إضافي، أو هدية مالية لم تكن بالحسبان وغيرها من الموارد غير المنتظمة، يعد تحويل الموارد غير المنتظمة لصندوق الطوارئ استغلال ممتاز لها حيث أنها غالباً مايتم إنفاقها على الكماليات.
اقرأ أيضاً: 5 معلومات أساسية عن صندوق الادخار للطوارئ
ثالثاً: الاستهانة بالاقتراض
بعض الأفراد يستهينون بالاقتراض على اعتبار امكانية الوفاء به على المدى الطويل، إلا أن الاقتراض بفوت الكثير من الفرص على المقترض، مثل تفويت الفرص الاستثمارية لأن الشخص المعتاد على الاقتراض غير قادر على موازنة نفقاته وتوزيعها بالشكل الأمثل، كما قد يفوت عليه صفقات ممتازة لأنه دائما سيحتاج إلى تخصيص جزء من راتبه للوفاء بالقرض، عوضاً عن الضغط النفسي الذي يعيش به المقترض.
والأسوأ من ذلك أن يكون الاقتراض بهدف الوفاء بالكماليات والترفيات، مثل الاقتراض للذهاب في إجازة صيفية، عزيزي القارئ لا تلجأ للاقتراض إلا في الحالات القصوى، وضع خطة محكمة للتخلص من القرض في أقرب وقت ممكن، وأياك والاقتراص الربوي حيث أن آثارة السلبية تفوق الاقتراض بدون فوائد.
رابعاً: الاندفاع وراء التنزيلات
من منا لا يحب التسوق ومن منا لا يشعر بالسعادة عند إنهاء صفقة موفقة من التنزيلات، إلا أننا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبحنا عرضة للضغط والتحفيز الدائم للشراء، ستجد نفسك أمام التنزيلات في كل مكان جميعهم يتقاتلون على ما في جيبك.
تذكّر جميعهم يتقاتلون على ما في جيبك!
لا نقصد هنا عدم استغلال الفرصة والشراء بسعر أقل من التنزيلات، بل هذا جيد إذا توفر الوعي المالي لديك، عزيزي القارئ قبل الإنجرار وراء التسوق من التنزيلات فكر جيداً هل أنت محتاج لهذه الملابس الإضافية؟، هل هذه تنزيلات حقيقية وجودتها جيدة؟، في حال كانت التنزيلات على مواد غذائية أو عناية بالجسم انتبه لتاريخ الانتهاء هل ستتمكن من استهلاكها قبل انتهاء المدة؟. كن ذكياً في خياراتك وتذكر أن الإنفاق هو استثمار مصغر في الشيء الذي تشتريه.
ومن ناحية أخرى قلل فرصة تعرضك للإعلانات عن التنزيلات، وتأكد أن التنزيلات سوف تستمر وسيصنعون غيرها، لا شيء سيفوتك، تذكر أن جميعهم يتقاتلون على ما في جيبك.
خامساً: الإنفاق المظهري
دائما ما نميل لأن نكون مثل أقراننا أو أفضل منهم، هذا الأمر موجود لديك سواء لاحظته أم لا، إلا أن هذا لا يعني أن ننجر وراء أنماط استهلاكية غير مناسبة لدخولنا أو حتى لخططنا المالية، فأنت لا تحتاج لاستبدال هاتفك لمجرد أن جميع أصدقائك جددوا هواتفهم، ولست بحاجة لشراء هاتف من ماركة محددة وأنت لا تحتاج الميزات التي يوفرها.
لماذا تقع في فخ الاقتراض والمديونية لفترة طولية لشراء سيارة لا تتناسب مع دخلك الشهري، يعد الإنفاق على تفاصيل المنزل من أكثر أنواع الإنفاق المظهري استهلاكاً للدخل. كما أننا سنواجهها في الإنفاق على الملابس وزيارة المطاعم ولا ننسى الإنفاق المظهري الواضح في حفلات الزفاف التي سيستمر الزوج في تسديدها لمدة طويلة بعد الزواج، وغيرها من المواقف التي نتصرف بها تحت الضغط المجتمعي.
تذكر عزيزي القارئ أن وضعك المالي هو مسؤوليتك الشخصية والتي ستعاني منها أو تنعم بها أنت وحدك، فكر ملياً قبل اتخاذ أي قرار هل أنت محتاج إليه حقيقية أم أنك تشعر بالحرج من عدم القيام بالشراء، سيحتاج الأمر إلى شجاعة منك، خاصة إن تعلق الأمر في عادات وتراتيب إجتماعية، قد تواجه الانتقاد في بداية الأمر إلا أنك ستنعم بالراحة النفسية والمالية فيما بعد، لن يكون فرق كبير لديك حال استأجرت صالة للأعراس بثلاث الاف دولار أم أنك استأجرتها بألف دولار، لكن سيكون هناك فرق كبير في الراحة النفسية التي ستنعم بها بدون قروض.
سادساً:عدم الاستثمار
يظن البعض أن الاستثمار مخصص للأغنياء فقط لا غير، لذلك تجد أن فكرة الاستثمار لا تخطر على بال متوسطي ومتدني الدخل، عزيزي القارئ تذكر أن الشركات الضخمة التي تراها الآن ما هي إلا نمو لمشاريع صغيرة بدأت في الماضي جميعها بدأت بامكانيات بسيطة وبرأس مال صغير، واحتاج الأمر للصبر فقط لا غير. كما يمكن الاستثمار في استثمارات آمنة ومتدنية المخاطر أو طرق استثمارية يقوم على إدارتها أفراد متخصصين يسهلوا عليك مخاطرة الاتخاذ قرارات خاطئة مثل الاستثمار في صناديق الاستثمار.
عليك أن تفكر في الادخار كما تفكر في الاستثمار
لكن قبل الاستثمار لابد أن تدخر، خصص جزء من دخلك للادخار طويل الأجل قد لا يكون لديك تصور حالياً حول الاستثمار الذي تريد، أو قد تكون طالب لا ترى أن الموضوع ذا أهمية لديك في الوقت الراهن، لكن تأكد أنك ستشعر بهذه الخطوة لاحقاً، ابدأ بالادخار الآن مهما كان مبلغ الادخار بسيطاً – قليل دائم خير من كثير منقطع- تراكم المبلغ المدخر لخمس سنين سيكوّن مبلغاً جيداً لتبدأ به أي فكرة صغيرة، ستتمكن من أخذ دورات تدريبية تطور مهاراتك فيها للحصول على فرص توظيف أفضل، ابدأ الان مهما كان مبلغك المخصص للادخار.
كي تطور من مهاراتك المالية لابد أن تراقب عاداتك المالية بشكل دقيق، خطط للإنفاق بشكل مسبق، دوّن إنفاقك، وابنِ عادات مالية جديدة، ما نحن إلا مجموعة من العادات تنعكس على حياتنا كلها.
برأيك يا صديق هل هناك أخطاء مالية اخرى نقع بها، شاركنا بها في التعليقات.