جدول المحتويات
يعد الدولار عملة رائدةً بين العملات، تحدد الدول استناداً إليه قيمة عملاتها، ومنه تتسرب إليها الأزمات أيضاً، فلماذا حاز الدولار هذه القوة؟ وكيف أعتلى عرش العملات؟ ولماذا تتحمل اقتصاديات العالم الآثار السلبية لتسرب الأزمات الأمريكية لها؟ أليس نظام قاعدة الذهب أعدل وأكثر استقرارًا للدول و للنظام النقدي العالمي؟.
تعد الظروف السياسية والاقتصادية التي عاشها العالم منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا، هي السبب الرئيس لما شهده العالم من تغيرات في النظام النقدي الدولي، في هذا المقال سنستعرض موجزاً تاريخياً من نظام الذهب وصولاً إلى هيمنة الدولار.
اقرأ أيضاً: الدورات الاقتصادية ، كيف تحدث الأزمات الاقتصادية ؟
أولاً: العمل بقاعدة الذهب
لم يكن الدولار ذا أهمية مع الاعتماد على القاعدة الذهبية، حيث أن جوهر العمل بقاعدة الذهب أن كل دولة تقوم بتحديد قيمة العملة الواحدة من عملاتها الوطنية بوزن معين من الذهب، وتكون الدولة مستعدة لشراء وبيع الذهب بالسعر المعلن.
لم يكن الذهب متداولاً في هذه الأثناء بكثرة على الرغم من وجوده الذهب كعملة معدنية يتعامل بها الأفراد، إلا أن الأوراق النقدية الحكومية مثل الدولار والجنيه الاسترليني هي الأعظم تداولاً، اعتمد قبول الأوراق النقدية على ثقة المتعاملين في غطائها من الذهب، حيث كان يحق لأي شخص تحويل ما بحوزته من أوراق نقدية إلى ذهب بالمقادير المعلن عنها من قبل الحكومة وبالعكس يحق له تحويل الذهب إلى أوراق نقدية.
ويقتضي العمل بهذه القاعد عدم قدرة البنك المركزي إصدار كميات من الأوراق النقدية تجنباً لزيادة النقد المتداول عن حاجة النشاط الاقتصادي، مما ينقص ثقة الجمهور في الاعتماد على الأوراق النقدية في التعاملات والعودة إلى التعامل بالذهب، وبناءً عليه فكل وحدة نقدية مصدرة من البنك المركزي لابد أن يقابلها كمية من الذهب التي ينص عليها القانون، لأن البنك المركزي سيكون مضطراً لمنح الذهب لمن يطلبه بالسعر المعلن عنه.
في بدايات القرن العشرين أوقفت إنجلترا العمل بنظام الذهب وتبعتها باقي الدول، واعتمد التعامل بالأوراق النقدية الإلزامية، حيث قامت البنوك المركزية بإصدار كميات كبيرة من الأوراق النقدية مما أدى إلى معدلات مذهلة من التضخم. ولذلك تمت العودة للعمل بقاعدة الذهب بعد الحرب العالمية الأولى لأنه النظام الأمثل والذي يحقق الاستقرار في أسعار وحدة النقد.
إلا أن المشكلة التي واجهت الدول عند العودة لقاعدة الذهب، أن أرصدة الدول الاوروبية كانت بحوزة الولايات المتحدة الأمريكية لتغطية عمليات الاستيراد والتصدير، لذلك لم يكن بمقدورهم العودة لنظام الذهب لأنه يعتمد على تغطية الأوراق النقدية بما يقابلها من الذهب، ولذلك تم اقتراح نظام السبائك الذهبية.
اقرأ أيضاً : التضخم الاقتصادي السارق الخفي
ثانياً: نظام السبائك الذهبية
في نظام السبائك الذهبية يقتصر التداول النقدي على أوراق نقدية قابلة للتحويل إلى سبائك ذهبية فقط، وفي هذا النظام يختفي الذهب كنقد في التداول لتوفير الذهب كمعدن، كما أن البنوك المركزية توقفت عن إصدار النقود الذهبية، ويقتصر التداول على إصدار أوراق نقدية قابلة للتحويل إلى سبائك ذهبية، تكون قيمة الوحدة الواحدة من الذهب مرتفعة إلى حد كبير بهدف الحفاظ على أكبر كمية من الذهب كاحتياطي للصرف الأجنبي.
وبما أن سعر السبيكة أصبح مرتفعاً، لم يعد بمقدور الأفراد الحصول على الذهب من خلال تحويل الأوراق النقدية، ونلاحظ هنا أن مبدأ تحويل النقود الورقية إلى الذهب تم الحفاظ عليه لكن بقيود كمية محددة، تبني قاعدة السبائك الذهبية كان الخطوة الأولى في طريق التخلي عن إمكانية تحويل الأوراق النقدية إلى ذهب و التخلي عن قاعدة الذهب في المعاملات الداخلية.
كما تم اقتراح اشكالاً أخرى تؤمن عملية التبديل بالذهب و يقلل الحاجة من استعمال الذهب، هذا النظام هو نظام الصرف بالذهب.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر البنك المركزي على النشاط الاقتصادي؟
ثالثاً: قاعدة الصرف بالذهب
تعتبر نظام الصرف بالذهب خروج غير مباشر من نظام قاعدة الذهب، وتكون وحدة النقد فيه غير قابلة للتحويل إلى ذهب، و لكن تكون قابلة للتحويل إلى عملة دولة أخرى ترتبط مباشرةً بالذهب، بحيث تكون قابلة للتحويل إلى ذهب، إذن فالنظام يقوم على وجود وسيط بين وحدة النقد المتداولة و بين الذهب. ويطلق على هذا النظام “نظام التحويل من الدرجة الثانية”.
نظام التحويل من الدرجة الثانية
يعتمد نظام التحويل من الدرجة الثانية على:
- وجود عملة نقدية قابلة للتحول إلى وزن نسبي من الذهب.
- تحويل وحدة النقد المحلية إلى العملة الأجنبية القابلة للتحويل إلى ذهب.
يتضح مما سبق أن وحدة النقد تصبح مرتبطة بالذهب ارتباطا من الدرجة الثانية، بحيث يكون هناك وسيط يجب أن تمر به حتى تتحول إلى ذهب، والوسيط هو عملة أجنبية القابلة للتحويل إلى ذهب، بالتالي لا تحدد قيمة العملة المحلية بالذهب مباشرةً بل بقيمة عملة أجنبية قابلة للتحويل للذهب.
وطبقاً لهذا النظام يوجد نوعين من العملات: عملات لها دور عالمي تسمى “النقود المركزية”، و”عملات تابعة” تستند في إصدارها إلى العملات المركزية .
على سبيل المثال نجد أن الدول في منطقة النفوذ الاقتصادي الامريكي كانت عملاتها قابلة للتحويل للدولار القابل للتحويل للذهب، وبالنسبة للدول التي كانت في منطقة النفوذ البرطاني كانت تحول عملاتها إلى الجنيه الإسترليني، وأصبحت عملات هذه الدول تتمتع بمزايا الذهب حيث أصبح نظام الصرف بالذهب يستند على “الدولار و الإسترليني” وتدور في فلكهم بقية العملات .
في الثلاثينات من القرن الماضي، بدأت أهمية الجنيه الاسترليني بالزوال خاصة مع ظهور مصادر طاقة جديدة غير الفحم، وفي نفس الوقت زادت الأهمية النسبية للدولار الأمريكي، فقد أصبح الدولار الاحتياطي النقدي الذي حل محل الذهب ضمن إطار النظام النقدي القائم على قاعدة الصرف بالذهب.
تعتبر الحرب العالمية الأولى صدمة تلقاها النظام الاقتصادي القائم على الذهب، حيث أثرت على هيكل الاقتصاد العالمي، ففقدت لندن مكانتها باعتبارها مركز التجارة العالمية، ومع العشرينيات دخل الاقتصاد العالمي في أزمة الكساد الكبير على رأسها الولايات المتحدة الامريكية، وانهارت البورصة الامريكية وكان لهذا أثر على جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى انخفاض مستويات الدخل الأمريكي فانخفضت نتيجة لذلك الواردات وتبعتها الصادرات بالطبع، نتج عن ذلك تدهور في اقتصاديات الدول المصدرة للولايات المتحدة الأمريكية.
حافظت بعض الدول على العمل بقاعدة الذهب و شكلت معاً ما يسمى كتلة الذهب وضمت هولندا، فرنسا، بلجيكا، سويسرا، و الولايات المتحدة الأمريكية، لوحظ أن عملة هذه الدول مقدرة أكثر من قيمتها الحقيقية، وهذا أدى إلى حدوث صعوبات في صادراتها، بالتالي اضطرت الدول أن تتخلى عن نظام قاعدة الذهب، وكان الدولار هو العملة الوحيدة القابلة إلى التحويل إلى الذهب.
اقرأ أيضاً: تعرّف على الرأسمالية في 3 نقاط فقط
رابعاً: نظام النقدي العالمي وإتفاقية بريتون وودز
شهد الاقتصاد العالمي قبيل إنتهاء الحرب العالمية الثانية هزات واضطرابات، هذا دفع الولايات المتحدة وبريطانيا للبحث عن نظام نقدي بديل يكون أساس للعلاقات الدولية النقدية لما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث نظمتا مؤتمر بريتون وودز في ولاية نيوهامبشير في الولايات المتحدة في 1944 شارك 44 دولة فيه، أقر المؤتمر نظاماً نقدياً قائماً على قاعدة صرف الدولار بالذهب، التزمت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بتحويل الدولار إلى ذهب بسعر ثابت، حيث كانت كل أونصة مقابل 35$ دولار (الأونصة تساوي 31.103غم الذهب).
بذلك تحول الدولار ليكون العملة الاحتياطية الدولية الوحيدة، هدف مؤتمر بريتون وودز إلى الحفاظ على ثبات أسعار الصرف بين مختلف العملات المرتبطة به، وكان أساساً للحرية التجارة الدولية وإلغاء القيود على المدفوعات الدولية، استمر العمل خمس وعشرون سنة بهذا النظام إلى أن انهياره في عام 1971.
أهداف مؤتمر بريتون وودز :
- حرية التحويل العملات بين الدول المختلفة.
- وجود نظام لأسعار الصرف يمنع التقلبات العنيفة فيما بينها.
- تحقيق توازن في موازين المدفوعات.
- إدارة الدولية للنظام النقدي العالمي الجديد.
ونتج عن هذا المؤتمر تشكيل صندوق النقد الدولي للحفاظ على استقرار أسعار الصرف، والبنك الدولي للانشاء والتعمير لمساعدة الدول التي دمرتها الحرب.
اقرأ أيضاً: 10 اسباب تؤدي بالدول إلى الركود الاقتصادي
خامساً: انهيار نظام بريتون وودز
في عام 1971 زاد لقلق حول قدرة الذهب الأمريكي على تغطية حجم الدولارات الامريكية الموجودة في التداول، خاصة مع دخول أمريكا في عدة حروب، مما أدى إلى فقدان الثقة في احتياطيات أمريكا الدولارية، فعمدت الدول إلى تحويل احتياطي الدولار لديها مما أدى إلى هبوط مخزون رصيد الذهب لدى أمريكا، أصبحت مستحقات الدول على أمريكا تفوق ما لديها من رصيد ذهبي.
وأمام هذه الأوضاع التي وصل إليها الدولار الأمريكي وانخفاض احتياطياتها من الذهب، قامت أمريكا بالتدخل بهدف إصلاح الأوضاع وذلك بإقرار مجموعة من قرارات حيث قام الرئيس ريتشارد نيكسون في 15/8/1971 (فيما عرف بصدمة نيكسون) في خطابه بإيقاف مؤقت لعمليات تحويل الدولار إلى ذهب والتي تضمنت مايلي :
1- وقف تحويل الدولار إلى ذهب بما يعني وقف التزاماتها الدولية.
2- خفض الإنفاق العمومي والمساعدات الاقتصادية الامريكية الخارجية بنسبة 10% .
3- فرض ضريبة على السلع التي تدخل أمريكا بهدف رفع تنافسية السلع الأمريكية.
جاءت على أنقاض نظام بريتون وودز قاعدة “تعويم العملة”، حيث يكون سعر صرف العملة المحلية مستقلاً عن العملات الأخرى في السوق العالمية ويكون مرتبط بقوى العرض والطلب، على سبيل المثال في مصر ترتبط الجنيه المصري بالدولار الأمريكي، وتعويمه يعني تحديد سعر صرفه بناءً على قوى العرض والطلب الدولي وليس بربطه بعملة معينة، هكذا انتقل العالم من مرحلة ثبات الأسعار إلى مرحلة تعويم العملة، وسادت فكرة جديدة هي أن أسعار الصرف المرنه ترتبط بقوى العرض والطلب بدون وجود أساس ثابت لصرف العملات.
اقرأ أيضاً: رحلة النقود من القمح إلى الدولار
وهكذا انهار نظام الذهب وحتى نظام الصرف بالذهب، وارتبطت كثير من عملات دول العالم بالدولار نظراً لاستخدامه في التجارة الخارجية، برأيك عزيزي القارئ هل تستطيع قاعدة تعويم العملة بناء نظام نقدي عالمي عادل!
ما المقصود بقاعدة الذهب ؟
أن كل دولة تقوم بتحديد قيمة العملة الواحدة من عملاتها الوطنية بوزن معين من الذهب، وتكون الدولة مستعدة لشراء وبيع الذهب بالسعر المعلن.
ما المقصود بقاعدة الصرف بالذهب ؟
أن تكون وحدة النقد غير قابلة للتحويل إلى ذهب، و لكن تكون قابلة للتحويل إلى عملة دولة أخرى ترتبط مباشرةً بالذهب، بحيث تكون قابلة للتحويل إلى ذهب، إذن فالنظام يقوم على وجود وسيط بين وحدة النقد المتداولة و بين الذهب. ويطلق على هذا النظام “نظام التحويل من الدرجة الثانية”.
ما المقصود بإتفاقية بريتون وودز ؟
إتفاقية صدرت عن مؤتمر بريتون وودز في ولاية نيوهامبشير في الولايات المتحدة في 1944 شارك 44 دولة فيه، أقر المؤتمر نظاماً نقدياً قائماً على قاعدة صرف الدولار بالذهب، التزمت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بتحويل الدولار إلى ذهب بسعر ثابت، حيث كانت كل أونصة مقابل 35$ دولار (الأونصة تساوي 31.103غم الذهب).
ما المقصود بصدمة نيكسون ؟
يقصد بها مجموعة القرارات التي اصدرها الرئيس ريتشارد نيكسون في 15/8/1971 حيث أعلن إيقاف مؤقت لعمليات تحويل الدولار إلى ذهب والتي تضمنت مايلي : 1- وقف تحويل الدولار إلى ذهب بما يعني وقف التزاماتها الدولية. 2- خفض الإنفاق العمومي والمساعدات الاقتصادية الامريكية الخارجية بنسبة 10% . 3- فرض ضريبة على السلع التي تدخل أمريكا بهدف رفع تنافسية السلع الأمريكية.
ما المقصود بتعويم العملة ؟
أن يكون سعر صرف العملة المحلية مستقلاً عن العملات الأخرى في السوق العالمية ويكون مرتبط بقوى العرض والطلب.
اكبر عملية نصب فى التاريخ الحديث … ولولا علاقة البترودولار لكان الدولار فى خبر كان …
لماذا تواصل بعض الدول ربط عملتها بالدولار والامتناع عن تعويمها؟ ولماذا تكون الصين قادرة على تحديد سعر صرف ثابت لعملتها دون أن ترتبط بالدولار أو غيره؟ أود تصحيحًا وتوضيحا .. شكرا لكم