يتميز جيل العشرينات بأنه عمر التعلم والتجربة وجمع الخبرات العملية للحياة، إلا أن جيل الشباب غالبًا ما يفتقر لامتلاك العادات المالية الإيجابية اللازمة لهذه المرحلة، فهذه المرحلة هي المرحلة الأولى التي يبدأ بها الشباب في اكتساب الدخل الشخصي الذي له كامل حرية التصرف فيه، وهنا يبدأ الصراع ما بين إدارة الدخل والعادات المالية السلبية والإيجابية.
في هذا المقال سنعرض 7 من أهم العادات المالية الواجب الإلتزام بها في العشرينات من العمر.
أهمية العادات المالية الإيجابية في سن العشرينات
يبدأ الشاب في سن العشرينات في بناء مستقبله المهني والإجتماعي، وما نعتاد القيام به بشكل مستمر هو ما يشكل واقعنا الحالي ومستقبلنا غالبًا والكثير من قرارات العشرينات تلقي بانعكاساتها في سن الثلاثينات.
يشار إلى العادة بأنها روتين سلوكي يتكرر بانتظام وغالبًا ما يحدث بشكل تلقائي بدون وعي، والعادات المالية لا تختلف عن ذلك حيث يقصد بها الروتين السلوكي الذي يتعلق بالمال ويتكرر بانتظام، وهنا تكمن أهمية بناء العادات المالية الإيجابية فحياتنا المالية ستكون انعكاس لهذه العادات المالية.
لكن إن كان لدي عادات مالية سلبية هل يمكنني تغيرها؟، بالتأكيد لم يفت الأوان لبناء العادات المالية الإيجابية، فالعادة تتميز بأنها سلوك مكتسب يتقوى بالتكرار ودوام الممارسة، ويضعف بالإهمال وعدم التعزيز.
بالتالي فإن ما نحتاجه لبناء العادات الإيجابية هو تحديد العادات المالية التي نريد اكتسابها والبدأ بتطبيقها والإستمرار عليها، ولابد أن نتنبه أننا سيواجهنا الفشل وضعف الإلتزام في بعض الإحيان وهذا أمر طبيعي، لكن يجب أن نبدأ مجددًا في محاولة الإلتزام بالعادات فلا يشترط أن نلتزم بالعادات المستهدفة مئة بالمئة من أول مرة، فالإلتزام بالعادات طريق يحتاج إلى وقت لكي يصبح جزء من حياتنا.
اقرأ أيضًا: أساسيات الوعي المالي
العادات المالية الأهم في عمر العشرينات
تعرف على اهم العادات المالية المهمة في عمر العشرينات والتي يستغلها كل جيل العشرينات الحالي:
أولًا: حدد ميزانية للمصاريف
مرحلة العشرينيات غالبًا ما تكون أول مرحلة نحصل فيها على دخل خاص بنا، وبطبيعة الحال يميل الأغلب إلى الإنفاق على الترفيه والرغبات الآنية دون مراعاة الأولويات أو وضع سقف للمشتريات، وهذا يجعلنا ننفق دون وعي بالمبلغ الذي تم إنفاقه ويزيد الأمر سوءً حال الدفع بالبطاقة.
يمكن تفادي هذا الأمر بتقسيم الدخل ما بين الضروري والحاجي والكمالي مما يحد من تضييع جزء كبير من الدخل والرغبة الآنية في الشراء ويبعدنا عن الدخول في دوامة الاقتراض لتوفير الضروريات في نهاية الشهر.
تذكر أننا نتفق معك في أن السهر مع الأصدقاء والخروج في الرحل أو حتى الطعام في الخارج ممتع، إلا أنك من المؤكد لا تنوي أن تقضي عمرك لتتمتع أول أسبوع في الشهر ثم تعيش في تقشف يتبعه اقتراض ممن حولك.
الشعور بالثراء| هو زيادة ميل الأفراد للإنفاق على الترفيهيات عند إمتلاكهم لمبلغ المال.
ثانيًا: خطط للإنفاق وتتبعه
قد تشعر بأن ما تجنيه من مال لا يكفيك، لكن تذكر عزيزي العشريني أن المشكلة لا تكمن في المال فقط بل بطريقة إنفاقنا للمال.
مهما كان المبلغ الذي تجنيه لابد أن هناك طريقة أفضل لإنفاقه!، التخطيط للإنفاق أمر سهل جدا فقط يحتاج القليل من المتابعة، ستحتاج إلى بعض الخطوات البسيطة:
- احضر ورقة وتذكر جميع المصروفات الشهرية التي تحتاجها، مثل بطاقة الهاتف، والمواصلات، وصالون الحلاقة، ومستلزمات النظافة الشخصية، والخروج مع الأصدقاء، دوّن كل شيء تتوقع أنك تنفقه مهما كان بسيطًا وتذكر أن تكون صادقًا مع نفسك.
- في ورقة إضافية، قسّم الورقة لثلاث أعمدة الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل المواصلات، الحاجيات مثل صالون الحلاقة، والترفيهيات مثل الخروج مع الشباب، ثم انقل ما سجلته في الورقة الأولى تحت أحد الثلاث أعمدة، وتذكر أن تكون صادق مع نفسك.
- تأمل قائمة الضروريات، هي ما لا يمكنك الاستغناء عنه وقد تقترض لتوفيره، راجع كذلك الحاجيات والترفيهيات وفكر بالأمور التي يمكنك الاستغناء عنها.
- قم باستخراج مجموع الثلاث قوائم، هل دخلك الشهري يغطي هذه المصاريف على الأقل؟ إن لم يتحقق ذلك راجع قائمة الترفيهيات وتخلى عن بعض الأمور، ستحتاج في الحد الأدنى أن يكون دخلك متساوٍ لنفقاتك، على الرغم من أن ذلك لا يعتبر وضع سليم.
- عند استلام الدخل قسمه إلى ثلاث أقسام بحسب المجموع الذي استخرجته في النقطة السابقة، بحيث لا يتعدى إنفاق أحد الأقسام على الآخر.
- وأخيرًا دوّن نفقاتك أولًا بأول، وعيك بما تقوم بإنفاقه بشكل يومي سيقلل من الإنفاق غير المدروس.
تذكر عزيزي القارئ بأن ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته، وما لا يمكن إدارته لا يمكن تطويره.
اقرأ أيضًا: 16 خطوة لبناء الوعي المالي
ثالثًا: نوع مصادر الدخل
تتصف مرحلة العشرينيات بعدم الإستقرار الوظيفي، فأنت في صراع دائم لإثبات جدارتك في العمل في ذات الوقت تسعى للحصول على فرص عمل أفضل، لذلك يعد تنويع مصادر الدخل من أفضل العادات المالية التي تحققها في العشرينيات، يقلل تنويع مصادر الدخل من مخاطرة فقدان الوظيفة الحالية كما يمنحك فرصة سداد الديون بشكل أسرع، وادخار مبلغ أكبر من المال، كما أن تجريب أكثر من عمل يعطيك فرصة لتحديد ميولك المهنية بشكل أدق أو حتى يمكنك الدخول في استثمار بسيط
يمكنك تقديم بعض الخدمات على الأنترنت هناك الكثير من المواقع يمكنها مساعدتك مثل موقع خمسات، أو العمل بدوام جزئي بعد الدوام الرسمي، تذكر أن كل ما تدخره الآن سيشكل حماية واستثمار لك.
رابعًا: استثمر في نفسك
في العشرينات قد لا تمتلك المال للاستثمار إلا أنك تمتلك فرصة الاستثمار في نفسك، يعد أهم استثمار في هذه المرحلة هو تطوير نفسك واكتساب المهارات وبناء شبكة علاقات تمكنك من الحصول على فرص أفضل في المستقبل، لا تجعل الراتب الشهري هو معيار قبول الوظيفة من عدمه انظر إلى ما يقدمه العمل من ميزات أخرى وشبكة علاقات والفرص المتاحة لامتلاك الخبرة.
في العشرينات داوم على التعلم والإطلاع وأقرأ الكتب المتخصصة في مجالك، احرص على إتقان اللغة الإنجليزية وامتلاك شهادات مهنية ولا تبخل في الإشتراك بدورات ذات قيمة مرتفعة، الدورات التدريبية من أهم ما تخصص له ميزانية في العشرينات، ولا تنسى أن الإنترنت عالم مليئ بالفائدة لمن أراد ذلك، المعرفة هي السلاح الذي يجعلك متميزًا عن غيرك ويفتح لك فرص عمل مميزة.
اقرأ أيضًا: أشهر 6 أخطاء مالية نقع بها
خامسًا: لا تنفق ما لا تملك
يعد الإقتراض من العادات المالية السلبية ، لانه يمثل دوامة مظلمة تسحبك للأسفل بشكل دائم، لذلك عليك أن تهرب من الديون كما تهرب من الأسد!، عدم الإقتراض أهم العادات المالية التي يجب أن تلتزم بها، قد ترى الإقتراض هو الحل الأسرع والأسهل في الوقت الحاضر إلا أنه الأسوأ بكل تأكيد، أحرص على أن يكون إنفاقك في حدود دخلك، لا تقترض لتغطية الحاجات الأساسية فقط اقترض للحاجات الأساسية الملحة جدًا جدًا.
قبل الاقتراض فكر هل أنت ضامن لوجود مصدر مالي في المستقبل ليغطي هذا الدين في وقته المحدد؟، إن لم يكن هناك مصدر لتغطيته لا تقترض، الاقتراض عوضًا عن أنه إنفاق دخل المستقبل على إلتزامات الحاضر فهو عبء نفسي سيجعلك مهموم بشكل دائم وغير قادر على التركيز بشكل جيد.
وإيّاك الاقتراب من بطاقات الإئتمان التي تسدد في المستقبل لأنها ستشجعك على الإنفاق الذي سيكون غالبًا على الترفيهيات، وتزيد ديون أنت في غنى عنها.
وفي حال وقعت في فخ الديون اعمل على التخلص منها في أقرب وقت، خصص جزء ثابت من دخلك الشهري للوفاء بالديون ابدأ بالديون الأصغر ثم الأكبر تباعًا، ولا تعامل الدين على أنك ستسدد كامل المبلغ مرة واحدة، فاوض الدائنين على تسديد المبلغ لهم على دفعات، كما يمكن ادخار المبلغ المخصص للسداد ودفعه لهم مرة واحده في حال عدم الموافقة على أخذ المبلغ كدفعات.
اقرأ أيضًا: 10 نصائح تضمن لك تسوقاً ناجحاً
سادسًا: الادخار للطوارئ
في العشرينيات خاصة في بدايتها أنت غير مطالب بالادخار الاستثماري، لكنك بالتأكيد مطالب بإنشاء صندوق ادخار للطوارئ، قد يكون العمل الذي أنت فيه الآن هو أول عمل لك ولكنه بالتأكيد ليس آخر عمل لك، فعمر العشرينيات يتسم بعدم الاستقرار الوظيفي والإنتقال من عمل إلى آخر وقد تواجه فترات بطالة، لذلك ستحتاج إلى مصدر مالي لتغطية نفقات هذه الفترة.
لذلك لابد من تخصيص مبلغ مالي مهما كان صغيرًا ( 2% من الدخل) بشكل دائم لتغذية صندوق الطوارئ، كما يتم توجيه أي زيادة أو مكافأة مالية لهذا الصندوق، يجب أن يغطي هذا الصندوق النفقات الضرورية لثلاث أشهر، ولابد أن ننبه إلى أن المقصود بالصندوق محفظة منفصلة لجمع الأموال فيها بعيدًا عن الأموال المخصصة للإستهلاك.
لا يتم استخدام الأموال صندوق الادخار للطوارئ إلا في حالات استثنائية مثل فقدان العمل أو إصلاح السيارة أو المرض المفاجيء، لا يتم الإنفاق منه على المناسبات الإجتماعية ولا رحلات الإجازة ولا أي إنفاق على الكماليات أو نفقات يمكن تأجيلها أو الإستغناء عنها، سينجيك هذا الصندوق من الدخول في فخ الديون.
اقرأ أيضًا: 6 خطوات لبناء صندوق الادخار للطوارئ من الصفر
سابعًا: ضع أهداف مالية
يعتبر من أهم العادات المالية التي يجب الإلتزام بها هي تحديد الأهداف المالية ووضع خطط لتحقيقها، في الغالب نحن لا نحقق الانجازات لأننا لا نعلم ما الذي نريده، وضع الأهداف المالية يجعلنا أكثر وعيًا في طريقة إدارتنا للمال.
ضع هدفًا أن تتخلص من ديونك هذا العام، أو الحصول على شهادة مهنية ذات تكلفة مرتفعة، أو الإدخار للسفر لتعلم الإنجليزية وغير ذلك من الأهداف، ستجعلك ذلك دائما أمام فرصة للاستفادة من المال بشكل أكبر حتى وإن كان العائد من العمل قليلًا إلا أن استثمارة في تطوير الذات سيضاعف قيمته في المستقبل.
احرص على أن تكون الأهداف المالية منطقية وقابلة للتطبيق وتتناسب مع واقعك وقدراتك الشخصية، الأهداف التي لا تتناسب مع ظروفك سترسخ داخلك فكرة عدم جدوى وجود الأهداف، وهذا سيصعب نجاحك في حياتك المالية.
اقرأ أيضًا: التخطيط المالي: كيف نُعظم منافع النقود ؟
في الختام تذكر أن الحياة رحلة للتعلم وأن حياتنا ما هي إلا العادات التي نطبقها بشكل يومي، وأن مرحلة العشرينيات هي مرحلة الحرية المالية فلا يوجد عليك الكثير من الإلتزامات ولا خوف من التكاليف الباهضة للفشل، لكن حتى تنجو من عدم الوقوع تحت ضعط السعي لتحقيق الحد الأدنى من الضروريات احرص على اكتساب العادات المالية الإيجابية والإدارة المالية الشخصية الناجحة.