كثيرا ما سمعنا في الآونة الأخيرة الحديث عن بدايات دخول الاقتصاد في مرحلة الركود اقتصادي، ويشير البعض إلى التخوف من دخول الاقتصاد في مرحلة الكساد، لكن ما الفرق بين الركود والكساد الاقتصادي، أم أنهما بنفس المعنى؟
في هذا المقال سوف نتعرف على الفروق ما بينهما.
أولاً: مفهوم كل من الكساد الاقتصادي والركود؟
1- الركود الاقتصادي
هناك تعريفان يعتبران الأكثر استخداماً وهما متقاربان
- التعريف الأول: هو انخفاض النمو الاقتصادي بأقل من الصفر خلال ربعين متتاليين “ستة أشهر”.
- التعريف الثاني: هو تعريف المكتب الوطني الأمريكي للأبحاث الاقتصادية “NBER”: أن الركود هو تراجع كبير وملحوظ في النشاط الاقتصادي ويستمر بضعة أشهر.
اقرأ أيضاً: 10 اسباب تؤدي بالدول إلى الركود الاقتصادي
يعتقد الاقتصاديون أنه جزء طبيعي من الدورة الاقتصادية التي تشهد ارتفاعات وانخفاضات، حيث يبدأ مباشرة بعد أن يصل الاقتصاد إلى ذروة النشاط “مرحلة الروّاج” وينتهي عندما يصل الاقتصاد إلى قاعه “مرحلة الكساد”. فالركود إذن المساحة ما بين القاع والذروة للنشاط الاقتصادي.
- الفرق بين الركود والكساد الاقتصادي
وعادة ما يكون أثر الركود واضحًا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والدخل الحقيقي، والإنتاج الصناعي، ومستويات البطالة، ومبيعات الجملة والتجزئة.
اقرأ أيضاً: الدورات الاقتصادية ، كيف تحدث الأزمات الاقتصادية؟
2- الكساد الاقتصادي
الكساد الاقتصادي هو فترة مطولة وحادة من الركود تتميز بانخفاض كبير في الدخل والتوظيف تتراوح مدته ما بين ستة أشهر وسنتين، وقد يصير كساداً عظيماً أو كبيراً تبعاً لحدّة آثاره على النشاط الاقتصادي.
يعتبر الكساد كارثة اقتصادية حادة ينخفض خلالها الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة لا تقل عن 10%. يحدث الكساد الاقتصادي لنفس الأسباب، إلا أنه أشد منه بكثير، ويمكن لآثاره السلبية أن تستمر لعدة سنوات، يمثل الكساد كابوساً بالنسبة للأعمال التجارية والمصرفية وأنشطة التصنيع.
يصاحب الكساد ضعفاً عاماً في القطاعات الاقتصادية، تصل البطالة إلى 25٪، وتهبط أسعار المساكن بنسبة 30٪ ، وتهبط الأسعار بنسبة 10٪، ويرافقها تراجع في توفير الائتمان وإفلاس الشركات.
ثانياً: المدة الزمنية للركود والكساد الاقتصادي
عادة ما يستمر الركود ستة أشهر إلى سنتين وتتميز هذه المدة بانكماشات واسعة النطاق في العديد القطاعات الاقتصادية.
أما الكساد الاقتصادي فهو تراجع أكثر حدة يمكن أن يستمر لعدة سنوات. على سبيل المثال يستمر الركود لمدة 18 شهرًا، بينما استمر الكساد الأخير لمدة عشر سنوات.
يشير بعض الاقتصاديين أن هناك طريقة غير رسمية لشرح الفرق بينهما
عندما يفقد جارك وظيفته، يكون الركود.
عندما تفقد وظيفتك، هذا كساد!
بشكل عام فإنهما يرتبطان بشكل دائم بوضع اقتصادي سيئ، وبيئة أعمال صعبة وتراجع في الدخل وزيادة في أعداد العاطلين عن العمل، كما تسود حالة من عدم اليقين والخوف تنتاب المستهلكين، وغيرها من الآثار السلبية التي تصاحبهما وتظل باقية لفترات مطولة نسبياً في بعض الأحيان.
من أكثر الأمثلة شيوعاً على الكساد الاقتصادي، هو ما عايشه العالم من حالة الكساد الكبير الي حدث في عام 1929، وقد استمر لمدة عشر سنوات.
ثالثاً: كيف يحدث الركود والكساد الاقتصادي
-
كيف يحدث الركود الاقتصادي
يعتمد النشاط الاقتصادي على التوازن ما بين الإنتاج والاستهلاك، نمو الاقتصاد يؤدي بشكل مباشر إلى زيادة الدخل، فكلما نما الاقتصاد يرتفع الدخل تبعاً له، وتلقائياً يرتفع ما يخصص للإنفاق الاستهلاكي. لكن هذه الحالة المثالية ففي مرحلة ما يبدأ النمو الاقتصادي بالتباطؤ، حيث يبدأ النشاط الاقتصادي بالتراجع ويكون التراجع نتيجة زيادة المعروض السلعي.
وتبدأ مرحلة الركود الاقتصادي عندما يحدث خلل في التوازن بين ما يتم إنتاجه وما يتم استهلاكه من سلع وخدمات، حيث يصبح معدل الإنفاق غير قادر على امتصاص المعروض السلعي، وهذا يؤدي إلى تباطؤ الأرباح وانخفاض الدخل، عند ذلك يضعف نمو النشاط الاقتصادي ويدخل في مرحلة الركود.
-
كيف يحدث الكساد الاقتصادي
كما أشرنا سابقاً إلى أن الكساد هو ركود لفترات مطولة فإن كلاهما يحدثان لنفس الأسباب. إلا أن نتائج الكساد أكثر حدة وسلبية. يحدث الكساد نتيجة تزامن حدوث عدة عوامل في نفس الوقت، فمع حدوث زيادة في المعروض السلعي يتزامن مع ذلك تراجع في الطلب، هذا يؤدي إلى شيوع حالة من الهلع عند المستثمرين ينتج عن ذلك تراجع الإنفاق لدى الشركات بشكل حاد، ليبدأ النمو الاقتصادي في التباطؤ وترتفع البطالة وتقل الأجور وتتآكل القوة الشرائية للمستهلكين.
رابعاً: الآثار السلبية للركود والكساد
بعد ان تعرفنا على الفرق بين الركود والكساد لنتعرف على الاثار السلبية حيث يؤدي كلاهما الى آثار سلبية على النشاط الاقتصادي ككل، ويظهر أثرهما في تدهور الفعالية الاقتصادية وتراجع الناتج المحلي، وزيادة المعروض السلعي، كما يؤثران على معدلات البطالة والتوظيف والأجور كذلك، وتبدأ الشركات بإشهار إفلاسها ونشهد تراجعاً كبيراً في سوق الأسهم وأرباح الشركات، فيما يلي سنتناول بعض هذه الآثار السلبية بشيء من التفصيل.
1- البطالة
يعد ارتفاع معدل البطالة من الآثار الرئيسية المصاحبة لهما على حد سواء، حيث تعمل الشركات على الاستغناء عن بعض الوظائف وتسريح العمال لمواجهة التراجع في الأرباح. إلا أن الفرق بينهما يرجع لحدة معدلات البطالة، حيث لا تتجاوز حدة ارتفاعها من 10% إلى 11%، في حين تتجاوز ذلك حالات الكساد، حيث وصلت معدلات البطالة إلى 25% في الكساد الكبير في الولايات المتحدة عام 1933.
اقرأ أيضاً: 4 معلومات جوهرية عن معدل البطالة
2- الانكماش الاقتصادي
يؤدي كلا منهما إلى تدهور كبير في الاقتصاد، خلال فترات النمو تحافظ الشركات على زيادة المعروض من السلع والخدمات لوفاء باحتياجات المستهلكين، ولكن في مرحلة ما سيكون المعروض من السلع والخدمات يفوق ما هو مطلوب في الاقتصاد، وعندما يحدث ذلك يبدأ الاقتصاد بالتباطؤ في النمو مع تراجع الطلب، مما يؤثر سلبياً على النشاط الاقتصاد يتأثر بها جميع القطاعات.
3- الانفاق الاستهلاكي
يتسم الركود الاقتصادي بانخفاض الإنفاق الاستهلاكي لأن الناس يفقدون الثقة في نمو الاقتصاد. هذا الانخفاض في الطلب على السلع والخدمات، يؤدي إلى الانخفاض في الإنتاج حيث تخفض الشركات لإنتاجها بما يتناسب مع الطلب. نتيجة لذلك سوف يتم تسريح العمال وزيادة البطالة.
ويشار إلى إن التراجع في الناتج المحلي الإجمالي لمرة واحدة لا يعني أن الاقتصاد قد دخل في مرحلة الركود. حيث يجب أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين ليطلق على الاقتصاد أنه دخل في هذه المرحلة، وهذا ما يواجه العديد من دول.
ونذكر بأن هذه الأثار السلبية سوف تتعمق حدتها مع استمرار حالة الركود ودخول الاقتصاد في مرحلة الكساد.
اقرأ أيضاً: التضخم الاقتصادي السارق الخفي
وفي النهاية عزيزي القارئ يبدو أن الاقتصاد الرأسمالي يمر بشكل دوري في الازمات الاقتصادية، ويبدو أننا سنشهد أحداها في هذه الفترة، حيث أن جميع المؤشرات الاقتصادية في الوقت الحالي تشير بشكل مؤكد إلى دخول الاقتصاد العالمي ككل في مرحلة ركود اقتصادي، وعزز ذلك الآثار الاقتصادية المترتبة على وباء كورونا كوفيد-19، لكن هل تتوقع أن يصل الامر إلى مرحلة الكساد الاقتصادي، وهل تتوقع أن اقتصادات دول العالم الثالث سوف تتأثر بهذه المرحلة أم أن الاثار سوف تقتصر على اقتصادات الدول الكبرى؟