بعلمك أو بدون علمك أنت تتأثر بـ الرأسمالية أو ما يسمى النظام الاقتصادي الرأسمالي، لم نسلم من آثار الأزمات في هذا النظام والتي كان آخرها في 2008، كيف نشأ هذا النظام ؟، ماهي الأسس الفكرية له ؟، وماذا جنت المجتمعات من سلبياته و إيجابياته ؟.

أولاً: نشأة النظام الاقتصادي الرأسمالي

مرّت أوروبا بتطورات اجتماعية واقتصادية مهّدت لظهور النظام الاقتصادي الرأسمالي، حيث أحدثت الثورة الصناعية والتطورات اللاحقة لها ثورة في فنون الإنتاج، المتمثلة في سلسلة من الاختراعات التي دخلت عالم الإنتاج بالأخص الطاقة والتعدين والنقل، كان لابد لهذه أن يؤدي هذا إلى تغيرات في المجتمع الإنساني كان أبرزها سيطرة الصناعة على النشاط الاقتصادي واجتذابها للاستثمارات.

تصدر أرباب الصناعة التركيب الاجتماعي ووضعت التجارة في خدمة الصناعة، وبدأت تظهر طبقة جديدة مميزة وواسعة في المجتمع وهي طبقة العمال، التي تعتمد بشكل أساسي على بيع قوة العمل للمنتجين، كانت هذه المظاهر البذور الأولى لظهور الرأسمالية.

في هذا المناخ بدأت سيطرت آراء المذهب الحر الذي يدعو إلى حرية التجارة والمنافسة، وهنا بدأت الدعوة إلى إبعاد الدولة عن التدخل في الحياة الاقتصادية.

ظهرت الرأسمالية على يد آدم سميث ووضع أصول المذهب الرأسمالي في كتابه “ثروة الأمم”، وتعد الرأسمالية نظام اقتصادي له فلسفة اجتماعية وسياسية، يقوم على أساس تنمية الملكية الفردية، والمحافظة عليها، والتوسع في الحرية.

اقرأ أيضاً: 8 أمور لابد معرفتها عن الاقتصاد الإسلامي

ثانياً: مبادئ ومميزات النظام الاقتصادي الرأسمالي

الملكية الفردية

تقدس الرأسمالية الملكية الفردية، حيث تمنح الفرد الحق في السعي لتحقيق الربح بشتى السبل، فله الحق في تكوين الثروة والتصرف بها طالما لا يخالف القوانين التي تسنها الدولة، فالملكية الفردية تعد عامل حاسم في سعي الفرد لحفظ ثروته وتنميتها وعدم تبديدها.

دافع الربح محرك أساس في الرأسمالية

يعتبر الربح هو الحافز الأساس للنظام الرأسمالي، فأي قرار يتخذه المنتجون سيكون دافعه الربح مما يعني زيادة الإنتاج، جميع الأفراد في هذا النظام سيتحركون بما يحقق مصلحتهم الشخصية، بما يتَّفق مع تحقيق أهدافهم الخاصّة، لذلك سنرى المنتجون في النظام الرأسمالي يختارون النشاط الاقتصادي الأنسب لاستغلال الموارد بأفضل طريقة ممكنة، وإذا تخيلنا أن هذا سيحدث في جميع الأنشطة الاقتصادية، بالتالي فإنّ الموارد الاقتصادية ستستخدم وتنظم، بحيث تحقق أقصى ربح ممكن، ويحصل المجتمع على أقصى دخل ممكن من موارده.

“نحن لا نحصل على عشائنا بسبب كرم الجزار أو الخباز، ولكن بواقع سعيهم وراء مصالحهم الذاتية”
آدم سميث

أشار آدم سميث في تحليله لهذا الحال بما يسمى باليد الخفية فالفرد في سعيه لتحقيق أقصى ربح ممكن، سيقوم بإنتاج السع الَّتي يزداد الطلب عليها، وبذلك سوف يلبي حاجة المجتمع لهذه السلعة، وفي ذات الوقت سيكون قد حقق المزيد من الأرباح الخاصة.

مما سبق يتين لنا أن الربح في النظام الرأسمالي ليس مجرد عائد يحصل عليه المنظمون، بل هو محرك أساس في النظام، يعمل بشكل دائم وتلقائي فمزيد من الربح يعني مزيد من الانتاج، وسيستمر التنافس بين المنتجين فيما بينهم والمستهلكين فيما بينهم لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية، وتوفير السلع بأفضل جودة وأقل سعر.

اقرأ أيضاً: العدالة التوزيعية في النظم الاقتصادية، أيها أكثر عدلاً؟

تدخل الدولة يكون في الحد الأدنى

في الرأسمالي النقية لن يسمح لأي تدخل حكومي في السوق، وسيترك الأمر لقوى العرض والطلب ليقوم بتحديد الأسعار في السوق، إلا أن هذا حالة نظرية، فحتى الولايات المتحدة الامريكية التي تعد المتبني الابرز للرأسمالية تقوم بتنظيم بعض الصناعات، كما أنها تتدخل عند حدوث الأزمات، وقد رأينا تدخل الحكومة الأمريكية لانقاذ الاقتصاد في أزمة الرهن العقاري في 2008.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر سلوك الأفراد في الأسعار

المنافسة التامة

المنافسة هي أهم ما يميز الرأسمالية، حيث تُعتبر من العوامل التي تعمل على زيادة الكفاءة الإنتاجية والاقتصادية ، فالمنتجون يتنافسون فيما بينهم لاجتذاب العدد الأكبر من المستهلكين، النتيجة الطبيعية لذلك اتجاه الأسعار إلى الإنخفاض وخروج المنتجين الأقل كفاءة، هذا يعني الاستخدام الأمثل للموارد والتخصيص الكفء للموارد.

ومن منظور آخر سيكون هناك منافسة على مستوى المستهلكين من خلال تنافسهم في الحصول على  السلع التي يحتاجونها مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وخروج الأفراد الذين لا تمثل السلعة حاجة قصوى لهم، فلا يبقى في السوق إلا الذين يحتاجون السلعة بشكل أكبر.

ثالثاً: سلبيات الرأسمالية

على الرغم من قوة النظام الرأسمالي وقدرته على معالجة نفسه وتجاوز الأزمات، إلا أن هناك الكثير من السلبيات التي تعاني منها المجتمعات الرأسمالية، فيما يلي سنورد بعض سلبيات الرأسمالية:

نشوء الاحتكار

على الرغم من أن أحد ميزات النظام الرأسمالي هي أنه قائم على السوق المنافسة إلا أن الاحتكار نما في أحضان الرأسمالية، حيث مكنت الرأسمالية من تضخم المشاريع مما أعطاها القدرة على إزاحة المشاريع الأصغر منها من السوق حيث تمكنها قوتها من التحكم في السعر، مما يفقد المشروع الأصغر القدرة على المنافسة، فيستقل المشروع الكبير في السوق ويفرض عليه شروطه.

اقرأ أيضاً: التضخم الاقتصادي السارق الخفي

سوء توزيع الثروة في المجتمعات الرأسمالية

النظام الاقتصادي الرأسمالي أدى إلى وجود فجوات في المجتمعات، حيث ينقسم المجتمع إلى طبقتين طبقة غنية وطبقة فقيرة مع تآكل الطبقة الوسطى، حيث أصبحت نسبة ضئلة من المجتمع تمتلك أغلب الثروة وتتحكم بها.

تزايد البطالة 

ظهرت في المجتمعات الرأسمالية البطالة كمشكلة أساسية في النظام، بسبب سيطرة قطاعات وفئات معينة على كافة الأعمال والوظائف، حيث لايراعي أصحاب رؤوس الأموال استخدام أساليب الإنتاج الأنسب للمجتمع، فليس هناك ما يمنع أصحاب رؤوس الأموال من استخدام أساليب إنتاج كثيفة الاستخدام لرأس المال في مجتمعات تعاني من البطالة!، لأن الشيء الوحيد الذي يحرص عليه أصحاب رؤوس الأموال هو تحقيق الربح.

اقرأ أيضاً: 4 معلومات جوهرية عن معدل البطالة

حدوث الأزمات الاقتصادية

تعاني المجتمعات الرأسمالية من حدوث أزمات اقتصادية دورية، حيث أصبحت هذه الأزمات جزء من بنية النظام الرأسمالي.

وفي النهاية فعلى الرغم من المشاكل والأزمات التي يمر بها النظام الاقتصادي الرأسمالي، وعيوب هذا النظام الذي قد تفوق مميزاته، فلا يزال هناك العديد من الآراء الاقتصادية التى تؤيد هذا النظام وتدعو للاعتماد عليه، خاصة فى ظل وجود دراسات أجريت حول صلاحية الرأسمالية وقدرة الدول في الاعتماد عليه، وتحقيق دول للنمو الاقتصادى فى ظل الرأسمالية أكثر مما يتحقق فى ظل النظم الاقتصادية الأخرى.

اقرأ أيضاً: الدورات الاقتصادية ، كيف تحدث الأزمات الاقتصادية؟

برأيك عزيزي القارئ هل ما زال النظام الرأسمالي قادراً على تجاوز هذه الأزمات والقدرة على الأستمرار؟.

ماهي الرأسمالية ؟
ما المقصود باليد الخفية ؟
ماهي سلبيات الرأسمالية ؟