التطورات المتعاقبة في سوق المال والاستثمار زادت من أهمية المعلومات المالية الدقيقة عن الشركات والمنظمات مما أسهم في ظهور وتطور علم المحاسبة، وصار لزامًا على الشركات إتباع مبادئ المحاسبة في أعمالها للوصول إلى تقارير مالية دقيقة يمكن للمستثمرين الاعتماد عليها في قراراتهم الاستثمارية المستقبلية، تظهر المعلومات المالية للمنشأة في صورة تقارير مالية ومحاسبية تُظهر قوة المنشأة في السوق، في هذا المقال سنعرض أبرز مبادئ المحاسبة التي يجب على المنشات اتباعها للوصول إلى تقارير مالية دقيقة.
اقرأ أيضًا: التمويل الجماعي طريق رواد الأعمال
ماهي مبادئ المحاسبة ؟
تعتبر المحاسبة فرع من فروع العلوم المالية، وهي علم يهتم بتتبع وتسجيل المعاملات المالية في المنشأة، وتحليلها والإبلاغ عنها للجهات ذات العلاقة.
مبادئ المحاسبة هي مجموعة القواعد والأسس والمفاهيم الأساسية التي يجب الإلتزام بها عند إعداد البيانات المالية للمنشأة، وتعتبر الإطار العام والمرجع الأساسي الذي يحكم عملية المحاسبة، تمتاز مبادئ المحاسبة بالمرونة حيث يتم تنقيحها وتحديثها وتطوريها لتتماشى مع تطور العمليات التجارية التي تتطور بشكل مستمر كما ونوعا وتعقيدًا.
لابد لأي عمل تجاري من أخذ هذه المبادئ بعين الإعتبار لأنها تضمن له تحديد مركزه المالي بشكل أكثر دقّة، مما يجذب ويحافظ على العملاء ويزيد من ثقتهم في النشاط التجاري، ويساعد متخذي القرار في اتخاذ القرارات المستقبلية، كما يجعل بيانات المنشأة قابلة للمقارنة مع غيرها من الشركات أو مع نفسها خلال الفترات المختلفة، وتساعد مبادئ المحاسبة المستثمرين على تحليل واستخراج المعلومات المالية عن المنشأة.
اقرأ أيضًا: 5 معلومات رئيسية عن الاقتصاد التحتي
مبادئ المحاسبة الأساسية
بشكل عام لا يوجد مبادئ محاسبة متفق عليها، إلا أننا سنعرض لأوسعها انتشارًا.
أولاً: مبدأ الاستحقاق
يقصد به أن تُسجل الإيرادات المالية والمصروفات في الفترات التي حدثت فيها بالفعل وليس عند استلام النقد، وهذا يعني أن تسجل كل عملية في الوقت التي تمت فيه وليس عندما حدث التدفق النقدي بحيث تتحمل كل فترة محاسبية المصروفات التي تسببت بها والايرادات التي تم تحقيقها بغض النظر عن مسألة قبض النقد أو عدم القبض، تعكس هذه العملية الوضع المالي الحالي للشركة من ربح وخسارة.
ثانيًا: مبدأ التكلفة
يمكن أن نطلق على هذا المبدأ من مبادئ المحاسبة مبدأ التكلفة الأصلية، حيث يتم تسجيل الأصول والخصوم وحقوق الملكية في السجلات المالية الخاصة بالشركة بالتكلفة التاريخية وهي التكلفة الفعلية للشراء أو البيع حتى لو تغيرت قيمتها السوقية ارتفاعًا أو انخفاضًا مع مرور الوقت. فلو تم شراء ماكنات صناعية للشركة سيتم تسجيل قيمة الشراء الفعلي ولن يتم إجراء أي تعديل عليها في حال تعرضت للانخفاض مع مرور الوقت.
ثالثًا: مبدأ المطابقة
يشار لهذا المبدأ بمبدأ المقابلة كذلك، ويقصد به تسجيل الإيرادات التي حققتها الشركة خلال فترة زمنية محددة سواء تم قبضها أم لا، وتسجيل المصروفات التي تحملتها لتحقيق هذا الإيراد، حيث يتم تسجيل المصروفات سواء تم دفعها نقدًا أم كانت مستحقة الدفع في وقت لاحق. ويساعد هذا المبدأ في تحليل نتائج عمل الشركة من ربح أو خسارة خلال فترة زمنية محددة.
فعلى سبيل المثال عند بيع جزء من المخزون (بضاعة) يتم تسجيل تكلفة البضاعة المباعة في نفس الفترة التي تم فيها تسجيل الإيراد الناتج عن عملية البيع.
اقرأ أيضًا: لماذا نخشى تعويم العملة ؟
رابعًا: مبدأ الإفصاح
يعد الإفصاح من مبادئ المحاسبة الإساسية، ويقصد به أن تلتزم الشركة بالكشف عن جميع المعلومات التي تتعلق ببياناتها المالية والسياسات المالية المتبعة، كما تتضمن جميع المعلومات التي قد تؤثر على فهم القارئ، والهدف من ذلك ضمان الشفافية وعدم تضليل المساهمين والمستثمرين بأي معلومات قد تؤثر على إتخاذ القرارات المتعلقة بالشركة.
خامسًا: مبدأ الموضوعية أو الموثوقية
يقصد به أن تكون التقارير والبيانات المحاسبية بعيدة عن الإنطباعات الشخصية والتحيز، بحيث يكون مستند لكل عملية مسجلة في السجلات المحاسبية، قد يكون المستند المؤيد قبض استلام أو مستند صرف أو تسليم. وهذا يمكننا من الوصول إلى نفس النتائج بغض النظر عن الشخص الذي يقوم بعملية التدقيق.
سادسًا: مبدأ الحيطة والحذر
يقصد بهذا المبدأ الأخذ بعين الإعتبار جميع المصروفات والخسائر المحتملة عند تحديد المركز المالي للشركة، بالمقابل عدم الإعتراف بالأرباح والإيرادات المحتملة الحدوث، والإعتراف بالأرباح التي تحققت فعلًا، بهدف عدم تضخيم الأرباح إلا بأرباح حقيقة مع الإحتياط للخسائر.
اقرأ أيضًا: التخطيط المالي : كيف نُعظم منافع النقود ؟
سابعًا: مبدأ تحقيق الإيرادات
يطلق عليه كذلك مبدأ الاستحقاق، ويراد به أن لا يتم الإعتراف بأي إيراد إلا بعد الحصول عليه، وذلك من خلال تسليم المنتج أو تقديم الخدمة المرتبطة بالإيراد. فعلى سبيل المثال في حال قام عميل بالدفع مقدمًا لشراء منتج على أن يكون تسليم المنتج في تاريخ لاحق، فهنا سيتم تسجيل هذا المبلغ على أنه إلتزام على الشركة ولا يتم تسجيله كإيراد إلا بعد تسليم المنتج للعميل.
ثامنًا: مبدأ الأساس النقدي
أن يتم التعبير عن جميع العمليات التجارية والأحداث والمعاملات الخاصة بالشركة بوحدة نقدية، مما يسهل عمليات التحليل المحاسبي.
تاسعًا: مبدأ الفترة الزمنية أو الدورية
لابد للشركات من الإفصاح عن نتائج عملياتها خلال فترات زمنية منتظمة قد تكون سنوية أو ربع سنوية أو شهرية، حيث يتم تقسيم دورة حياة النشاط التجاري إلى فترات متساوية، تلتزم فيها الشركات بالإعلان عن بياناتها المالية وهذا يتيح ويسهل على المستثمرين والمساهمين عملية المقارنة والتحليل واتخاذ القرار.
اقرأ أيضًا: التخطيط المالي : 8 فروق ما بين العملات الإلكترونية والعملات الإفتراضية
عاشرًا: مبدأ الأهمية النسبية
يقصد بها أن توفر الدقة في المعلومات والمعالجات المحاسبية يرتبط بأهميتها النسبية في قائمة الدخل والمركز المالي، وهذا لا يعني عدم الإهتمام بالعمليات ذات القيم الصغيرة، لكن الحياة العملية قد يُتجاوز عن عدم الإلتزام بالطريقة الصحيحة في حال كانت القيم صغيرة نسبيًا، تقدر الأهمية النسبية بمدى تأثيرها على القرارات الاقتصادية لمستخدم القوائم المالية الخاصة بالشركة.
الحادي عشر: الاستمرارية
يقصد بهذا المبدأ أن الشركة سوف تستمر في مزاولة نشاطها لفترة غير محدودة من الزمن وأنها غير معرضة للإفلاس في المستقبل القريب، في حال عدم افتراض مبدأ الاستمرارية فإن هذا يعني أن الشركة معرضة للإفلاس.
يحدد مبدأ الاستمرارية البيانات المالية التي تظهر في التقارير المالية، ففي حال إفتراض مبدأ الإستمرارية فإن المحاسبين غير مضطرين لإظهار بيانات الإصول طويلة الأجل في التقارير الربع سنوية وتظهرها في التقارير السنوية. وفي حال عدم الأخذ بمبدأ الإستمرارية سنلاحظ أن الشركة تدرج قائمة بأصولها طويلة الأجل في الميزانية العمومية والتقارير ربع السنوية أو تراكم الإلتزامات على الشركة.
في حال عدم اتباع مبدأ الإستمرارية لابد عند إعداد القوائم المالية توضيح أن القوائم المالية تم إعدادها على أساس إشهار الشركة لإفلاسها أو تصفيتها.
الثاني عشر: الثبات أو الاستقرار
هذا المبدأ من مبادئ المحاسبة يلزم الشركة بأن تستمر في تطبيق الإجراءات والمبادئ والأساليب المحاسبية التي تستخدمها في الفترات المحاسبية المختلفة، وعدم اللجوء إلى التغيير إلا مع وجود المبررات، وهذا المبدأ يضمن لنا إمكانية إجراء مقارنة بين الفترات المحاسبية المختلفة.
اقرأ أيضًا: 7 معلومات عليك معرفتها عن شهادات الاستثمار
تعمل مبادئ المحاسبة على إيجاد لغة مشتركة بين مختلف الكيانات الاقتصادية على اختلاف الصناعات والبلدان، إلا أن وجود العديد من الأطر المحاسبية أدى إلى إيجاد صعوبة في المقارنات والتحليل المالي حتى داخل الصناعة الواحدة، لذلك ظهرت جهات تعمل على تطوير معايير محاسبية يمكن اعتمادها من قبل الجهات المختلفة مثل المبادئ المحاسبية المقبولة بصفة عامة (GAAP) والتي تم تطويرها من قبل مجلس معايير المحاسبة المالية (FASB)، كما تم وضع المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية (IFRS) والتي تم تطويرها من قبل مجلس المعايير المحاسبية الدولية (IASB) الذي يعمل على تطوير معايير محاسبية دولية لإعداد تقارير مالية عالية الجودة قابلة للتطبيق ومعترف بها عالميًا.