يرتبط علم الاقتصاد في أذهاننا بالصعوبة والتعقيد وأن الأخبار الاقتصادية ليست موجهة لنا، بالرغم من إن علم الاقتصاد يهم كل فرد فينا، حيث يرتبط بحياة الإنسان اليومية ويؤثر في كل لحظة فيها. يسعى علم الاقتصاد لتفسير كيف نتخذ قراراتنا اليومية.
في هذا المقال سنعرض أساسيات علم الاقتصاد والتي تعد هي الخطوة الأولى لدخول وفهم هذا العالم.
اقرأ أيضًا:تعرّف على علاقة علم الاقتصاد بالعلوم الاخرى.
مجال علم الاقتصاد.
ينقسم علم الاقتصاد بشكل رئيسي إلى قسمين رئيسيين وهما الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي:
- الاقتصاد الكلي: يركز الاقتصاد الكلي على الصورة الكبيرة للاقتصاد، حيث يدرس أداء النظام الاقتصادي ككل فلا يركز على صناعة واحدة بل يدرس صناعة السوق ككل.
حيث يهتم بدراسة مجموعة من الظواهر الاقتصادية على مستوى الدولة مثل التضخم، ومستويات الأسعار، ومعدل النمو، والناتج المحلي الإجمالي والدخل القومي، والصادرات والواردات وأثرها على سوق العمل، كما يدرس سوق العمل ومعدلات البطالة. - الاقتصاد الجزئي: يركز الاقتصاد الجزئي النقاط الأكثر تفصيلًا، حيث يهتم بدراسة قرارات الأفراد والشركات فيما يتعلق بتخصيص الموارد المتاحة وكيفية تحديد أسعار السلع والخدمات.
يتمحور اهتمام علم الاقتصاد الجزئي في دراسة سلوك المنشأة الفردية لمعرفة حجم الإنتاج الذي يعظم أرباحها ويمكنها من المنافسة في صناعتها. ومن ناحية أخرى يدرس سلوك المستهلك لمعرفة كيف يوزع دخله بيت السلع المختلفة للوصول إلى أقصى إشباع ممكن من الدخل المتاح.
اقرأ أيضًا: 7 مفاهيم أساسية تتعلق بالحسابات القومية.
مفاهيم أساسية في علم الاقتصاد.
الندرة النسبية.
يعرف علم الاقتصاد بأنه أحد العلوم الاجتماعية التي تدرس سلوك البشر خلال سعيهم لإشباع رغباتهم اللامحدودة باستخدام مواردهم المحدودة سواء كانوا أفرادًا أم جماعات. لذلك يشمل علم الاقتصاد جميع الأنشطة المتعلقة بالإنتاج والاستهلاك وتجارة السلع والخدمات.
يرشدنا تعريف علم الاقتصاد إلى مفهوم محوري وأساسي في علم الاقتصاد وهو الندرة النسبية والتي يطلق عليها أيضًا المشكلة الاقتصادية، والتي تنطلق من فكرة أن لدينا رغبات وحاجات بشرية غير محدودة في حين أن الموارد الطبيعية محدودة كمًا وزمانًا، هذا الواقع يجبر الناس على اتخاذ قرارات لتخصيص الموارد المتاحة في أكثر الجوانب فعالية في تلبية رغباتهم واحتياجاتهم.
على سبيل المثال أن صاحب محل لبيع الخبز والكعك لديه كمية محدودة من الطحين، وهنا سيكون أمام سؤال هل سأصنع خبز أم كعك؟، الذي سيؤثر في هذا القرار بشكل مباشر العرض والطلب في السوق مدفوعًا بالربح المتحقق من إنتاج كل منها.
اقرأ أيضًا: حقيقة وجود الندرة الاقتصادية.
الرشد الاقتصادي.
يقصد بالرشد في علم الاقتصاد أن الأفراد يوازنون ما بين التكاليف والمنافع عند اتخاذهم لقرارات اقتصادية، حيث يعملون على تعظيم المنافع مقارنة بالتكاليف في قراراتهم.
حيث يسعى الأفراد لتحقيق أكبر منفعة ممكنة من خلال تحقيق أكبر إشباع ممكن من الموارد المتاحة، في حين يسعى المنتج لتحقيق أكبر منفعة ممكنة من خلال تعظيم الربح.
على الرغم من أن علم الاقتصاد يفترض الرشد الاقتصادي في تصرفات الأفراد وأن يكونوا عقلانيين بشكل عام، إلا أن معظم قراراتنا عاطفية في الغالب ولا تتجاوز المصلحة الفردية، حيث نرى سيل من الإعلانات في كل مكان تخاطب العاطفة فينا وتهول من الفوائد التي سنجنيها من المنتج فيظن المستهلك أن سعادته ونجاحه وراحته لا تتحقق إلا باقتناء هذا المنتج!
اقرأ أيضًا: كيف يؤثر سلوك الأفراد في أسعار السلع.
العرض والطلب.
يعتبر العرض والطلب من المفاهيم الأساسية في الاقتصاد التي يهتم بها مختلف العاملين في النشاط الاقتصادي لتأثيرها المباشر على أعمالهم.
يمثل العرض حجم السلع والخدمات التي يرغب المزودون وإتاحتها للبيع في السوق عند سعر محدد لكل قطعة، في حين أن الطلب يمثل كمية السلع والخدمات التي يرغب المستهلكون في شرائها ويملكون القدرة على شرائها عند السعر المعلن.
هناك علاقة طردية ما بين السعر والعرض ، حيث أنه في حال زيادة سعر المنتج سواء سلعة أو خدمة في السوق فإن العرض سوف يزيد بشكل تلقائي. نتيجة لزيادة رغبة المنتجين في بيع منتجاتهم عند السعر المرتفع، والعكس ففي حال انخفاض سعر السلعة في السوق سيؤدي ذلك إلى انخفاض عرضها.
في حين تربط الطلب مع السعر علاقة عكسية ففي حال زيادة السعر لسلعة معينة يقابلها انخفاض في الطلب عليها. والعكس حال انخفاض السعر على إحدى السلع سيؤدي ذلك زيادة الطلب عليها. فقد يكون المستهلك يرغب في شراء كيلو واحد من الموز عند سعر 5 دولار للكيلو في حين يرغب في شراء 2 كيلو عندما يصبح السعر 3 دولار. وذلك بافتراض ثبات الدخل والثروة والميول والأذواق والعادات والتقاليد.
اقرأ أيضًا: كيف تحدد قيمة الأشياء – ما الفرق بين القيمة والسعر والتكلفة؟
التضخم
يشير التضخم إلى الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، ينتج عنه اختلال ما بين المعروض السلعي والمعروض النقدي، حيث يكون هناك عدد قليل من السلع يلاحقها الكثير من المشترين، مما يعني زيادة الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للنقود، بحيث تصبح كمية السلع التي كان من الممكن الحصول عليها بمبلغ معين أقل.
تعددت النظريات التي تشرح سبب حدوث التضخم في الاقتصاد إلا أن أبرزها تضخم جذب الطلب وتضخم دفع الكلفة:
- تضخم جذب الطلب: ترى هذه النظرية أن التضخم ينتج عن زيادة الطلب على السلع مع عدم قدرة المنتجين على زيادة المعروض من السلع ينتج عن ذلك زيادة في أسعار السلع، سيؤدي ذلك إلى زيادة المستوى العام للأسعار، وهذه الزيادة ستدفع النقابات العمالية للمطالبة بزيادة الأجور مما يعني زيادة الطلب على السلع مرة أخرى وزيادة أسعارها نتيجة لذلك، وهكذا يستمر الطلب في دفع الأسعار للزيادة في كل مرة.
- تضخم دفع الكلفة: تفسر هذه النظرية التضخم على أنه ناتج عن ارتفاع أسعار عناصر الإنتاج من مواد خام أو طاقة أو أجور عمال وغيرها من عناصر الإنتاج، يؤثر ارتفاع تكاليف الإنتاج في زيادة السعر للسلع النهائية مما ينتج عنه ارتفاع في المستوى العام للأسعار.
ارتفاع الأسعار سيدفع النقابات العمالية للمطالبة بحقوق العمال لتتناسب مع ارتفاع الأسعار، وبما أن أجور العمال يعتبر أحد تكاليف الإنتاج ستظهر هذه الزيادة في أسعار السلع مرة أخرى. وتستمر هذه العملية في دفع الأسعار للزيادة في كل مرة.
ينتج عن التضخم الكثير من الآثار السلبية على المجتمعات أهمها انخفاض حافز الادخار نتيجة للانخفاض المتوالي في قيمة النقود، وينتج عن ذلك انخفاض الاستثمار لأنه يعتمد بشكل مباشر على الادخار، مما يحد من النمو الاقتصادي.
يشوه التضخم البنية الاجتماعية ويخل بنظام التوزيع ويعمل على تركز الثروة بيد فئة واحدة من المجتمع ويسحق الطبقة الوسطى.
تلجأ الدول للعديد من الأساليب للتخفيف من آثار التضخم، حيث تقوم بإجراءات في السياسة النقدية من خلال رفع نسبة الاحتياطي القانون، ورفع سعر الفائدة عند الاقتراض، كما يقوم البنك المركزي باحتكار الاصدار النقدي والتحكم في ضبطه.
كما تلجأ للسياسة المالية في علاج التضخم، من خلال رفع معدلات الضرائب أو فرض ضرائب جديدة، و خفض الإنفاق الحكومي.
اقرأ أيضًا: التضخم الاقتصادي السارق الخفي.
الدورات الاقتصادية.
الدورات الاقتصادية أو دورات الأعمال يقصد بها تقلبات دورية حادة وشاملة تصيب الاقتصاد بشكل دوري، حيث يمر الاقتصاد بأربع مراحل وهي الانتعاش ثم الرّواج ثم مرحلة الركود ثم تتطور هذه المرحلة لتصبح كسادًا، تتوالى الأربع مراحل على الاقتصاد، وتبدأ كل دورة بأزمات اقتصادية وتنتهي بالأزمات الاقتصادية.
يصعب التنبؤ بتوقيت حدوث الدورات الاقتصادية كما يصعب التنبؤ بمدة تأثر الاقتصاد بها، تختلف مدة تأثر الاقتصاد بها من اقتصاد بلد إلى آخر كذلك تختلف بحسب قدرة كل اقتصاد على الخروج من مراحل الانكماش إلى الرخاء والنمو، الدورات الاقتصادية تؤثر في المتغيرات الاقتصادية الكلية مثل الناتج القومي الإجمالي، ومعدل التضخم والإنتاج والاستثمار، ومعدل البطالة.
اقرأ أيضًا: الدورات الاقتصادية وكيف تحدث الأزمات الاقتصادية؟
وفي الختام عزيزي القارئ لطالما ارتبط علم الاقتصاد بالتعقيد والصعوبة، بل إن البعض يطلق عليه مسمى العلم الكئيب في إشارة لأكثر نتائج الاقتصاد كآبة وأنه لا يوجد لذة في الاقتصاد دون ألم وذلك بسبب محدودية الموارد فللحصول على شيء لابد من التخلي عن شيء آخر.
إلا أن علم الاقتصاد بالرغم من ذلك يتعايش مع محدودية الموارد ليحقق للبشر أكبر منافع ممكن تحقيقها، فهو حقيقة ليس بهذه الكآبة التي يصفونه بها.