تعد دورات الأعمال أو الدورات الاقتصادية السمة البارزة للنظام الاقتصادي الرأسمالي، حيث أن الأزمات الاقتصادية أصبحت جزء من بنية النظام الرأسمالي، يخضع هذا النظام لقانون التطور الدوري، يمر الاقتصاد في طريق نموه في أربع مراحل وهي الانتعاش ثم الرّواج ثم مرحلة الأزمة أو الركود ثم تتفاقم هذه المرحلة لتصبح كسادًا، تعاقب الاقتصاد على هذه الأربع مراحل يطلق عليها الدورات اقتصادية أو دورات الأعمال، وتبدأ كل دورة بأزمات اقتصادية وتنتهي بالأزمات الاقتصادية.

ماهي الدورات الاقتصادية

هي تقلبات حادة وشاملة في مستوى النشاط الاقتصادي، تشمل المتغيرات الاقتصادية الكلية سواء الحقيقية أو المالية، وتحدث على نحو دوري من حيث التوقيت، نمطي من حيث السمات، وقد تختلف في أطوال آجالها.

وبالتالي يصعب التنبؤ في توقيت حدوث دورات الأعمال أو الدورات الاقتصادية كما يصعب التنبؤ بمدتها عند حدوثها، حيث يختلف ذلك من اقتصاد بلد إلى آخر وحسب قدرة كل اقتصاد على الخروج من مراحل الانكماش إلى الرخاء والنمو، تؤثر الدورات الاقتصادية في المتغيرات الاقتصادية الكلية مثل الناتج القومي الإجمال، ومستوى التشغيل، ومعدل التضخم والإنتاج، ومعدل البطالة.

اقرأ أيضاً: 7 مفاهيم أساسية تتعلق بالحسابات القومية

مراحل الدورات الاقتصادية

الدورات الاقتصادية

الدورات الاقتصادية

أولاً: مرحلة الانتعاش الاقتصادي

تتميز هذه المرحلة من الدورات الاقتصادية بالتوسع في النشاط الاقتصادي، وزيادة مستوى التوظيف وزيادة في معدلات الربح، وتزداد التسهيلات لمنح الائتمان في المصارف، وتنخفض معدلات أسعار الفائدة، ينعكس ذلك كله في استقرار المستوى العام للأسعار. في هذه المرحلة يزيد الطلب الكلي وبسبب ذلك يبدأ مخزون الوحدات الإنتاجية بالتضاؤل.

ثانياً: مرحلة الرّواج

في هذه المرحلة يصل الاقتصاد إلى مستوياته القصوى ويحقق أعلى معدلات للنمو، كما يكون التوظيف في مستوياته القصوى، لكن تبدأ الميول التضخمية بالظهور، ويحدث ارتفاع في المستوى العام للأسعار ويظهر نقص في عرض العمل ومدخلات الإنتاج نظراً للطلب المتزايد عليها.

ثالثاً: مرحلة الأزمة الاقتصادية

في هذه المرحلة تهبط الأسعار ويبدأ الذعر المالي بالانتشار، حيث يبدأ المودعين بسحب ودائعهم وتجتهد المصارف في استعادة قروضها من العملاء، وتبدأ المصارف بالامتناع عن تقديم التسهيلات الائتمانية كما تقل ايداعات العملاء لدى المصارف وترتفع أسعار الفائدة، وينخفض حجم الإنتاج والدخل، وتزداد البطالة وتظهر أزمة فيض المخزون السلعي بسبب تراجع الطلب الكلي.

تتوالى خسائر المشروعات الإنتاجية وإفلاس المؤسسات المالية، وتستمر مرحلة الأزمات الاقتصادية لأقل من سنة عادة وتأتي بعدها إلى الكساد.

رابعاً: مرحلة الكساد

يستمر الانخفاض في الأسعار وتعم البطالة، ويعم الكساد في الأسواق بسبب النقص العام في الطلب الكلي، حيث يتعرض النشاط الاقتصادي إلى حالة شلل تصل به إلى القاع. كما يتآكل الجهاز الإنتاجي بسبب نقص الطلب، في هذه المرحلة سوف يحجم المنظمون حتى عن تعويض الاندثار في رأس المال وصيانته. يكون الكساد أطول من حيث المدة وأعمق من حيث الأثر.

يتعاقب الاقتصاد بين هذه المراحل الأربعة معبراً عنه بالناتج المحلي الإجمالي في مراحل الدورة الاقتصادية الانتعاش ثم الرواج فالركود فالكساد ثم رواج من جديد، إلا أن التعاقب بين هذه المراحل لا يمنع الاتجاه الصعودي لمستوى الناتج.

اقرأ أيضاً: تعرّف على الرأسمالية في 3 نقاط فقط

أسباب الدورات الاقتصادية

الدورات الاقتصادية

الدورات الاقتصادية

هناك عدة نظريات تفسر الدورات الاقتصادية

1- نظرية العوامل الخارجية

تعزو نظرية العوامل الخارجية سبب حدوث الدورات الاقتصادية إلى عوامل خارجية وتبرأة النظام الاقتصادي القائم، حيث يرون أن أسباب الأزمات الاقتصادية الحروب والتغيرات المناخية، وأن هذه الأسباب غالباً ما تبدأ في القطاع الزراعي وتنتقل إلى باقي القطاعات الاقتصادية.

2- نظرية العوامل الداخلية

يرى أصحاب هذه النظرية أن أسباب الأزمات الاقتصادية الناتجة الدورات الاقتصادية لعوامل في ذات النظام الاقتصادي القائم، حيث يرون أن هناك قصور وضعف في الأداء يرجع لأسباب داخلية متأصلة في النظام نفسه وتراكم جوانب القصور مؤيدةً إلى أزمات اقتصادية، كما يشير أصحاب هذا الرأي إلى أن الاختلال وضع معتاد للنظام الاقتصادي وأنه يعمل دون التوظيف الكامل، وبالتالي سوف يبقى النظام الاقتصادي يتأرجح بين الرواج والركود.

الأسباب الداخلية للدورات الاقتصادية

  • نقص الاستهلاك

نقص الاستهلاك سيؤدي الأزمات الاقتصادية لأنه يؤدي إلى نقص في الطلب الكلي وهذا سيؤدي إلى ظهور الكساد بسبب تراكم الإنتاج، سينعكس ذلك على حجم الناتج حيث سيقوم أصحاب المصانع بتخفيض الناتج مؤدياً إلى تخفيض العمالة وتسريح العمال مما سينشر البطالة في المجتمع، وسندخل في حلقة مفرغة حيث ستؤدي البطالة إلى تخفيض الاستهلاك مجدداً، وتخفيض الناتج وتسريح العمال، مما يدخل النظام في أزمات اقتصادية.

في هذه الأجواء تنخفض الأسعار مع انخفاض الطلب الكلي، وهذا يؤدي إلى تراجع مستويات التضخم، نتيجة لانخفاض الأسعار يبدأ المنتجون بزيادة الإنتاج مما يعني زيادة الطلب على العمالة، ويبدأ الناتج المحلي الإجمالي بالازدياد وتتراجع معدلات البطالة ويبدأ الاقتصاد بالتعافي والخروج من الأزمات الاقتصادية ويبدأ بالانتعاش مرة أخرى.

  • تذبذب الاستثمار

البعض يرجع سبب حدوث دورات الأعمال إلى الإنفاق الاستثماري يمتاز بالتذبذب ولذلك يعد هو السبب الرئيس للدورات الاقتصادية بالتالي للأزمات الاقتصادية.

كيف تبدأ الأزمات الاقتصادية

الدورات الاقتصادية

الدورات الاقتصادية

تبدأ الأزمات في الدورات الاقتصادية والاقتصاد الرأسمالي عندما تظهر الفجوة بين إنتاج السلع وتصريفها. وإن انفصال البيع عن الشراء نتيجة ظهور النقود أكدت إمكان حدوث هذه الفجوة. وهذا أدى إلى إمكان حدوث تباعد حقيقي بين شراء السلعة وبيعها كان من نتائج هذا الانفصال ما يسمى بفيض الإنتاج، ترافق فيض الإنتاج عادة إفلاسات كبيرة في المؤسسات الصناعية والتجارية. فالمؤسسة عندما تفقد القدرة على تحويل مخزونها من السلع إلى نقد، تتوقف عن دفع ديونها، ويصاب الأفراد والمصارف والمضاربون بالهلع، ويتسابق الأفراد في الحصول على النقد فيطالب الدائنون بديونهم. ويسعى المودعون إلى سحب أموالهم من المصارف وصناديق الضمان، وقد تضطر بعض المصارف إلى التوقف عن الدفع وتعلن إفلاسها ويتقلص عرض رأس المال الإقراضي ويرتفع معدل الفائدة.

كلما ازداد فيض الناتج يبدأ أصحاب المصانع بتقليص مخزونهم أو تقليل ساعات العمل أو تسريح العمال وفي أسوأ الحالات إلى إغلاق مؤسساتهم، تنتشر في هذه المرحلة من الاقتصاد البطالة وتنخفض الأجور مما يزيد بؤس الطبقة العاملة، وتتعرض كميات كبيرة من السلع للتلف، وهذا له آثار سلبية على الاقتصاد ككل، وهكذا يقع المجتمع في فخ الأزمات الاقتصادية.

اقرأ أيضاً: الآثار الاقتصادية للربا: كيف ينظر الاقتصاديون للربا

التحكم بالأزمات الاقتصادية

الحكومات لا تستطيع التحكم بالدورات الاقتصادية بشكل مطلق ولا تستطيع أن تتجنب الأزمات الاقتصادية بشكل كامل لكن تحاول المحافظة على فترتي الانتعاش والرواج وتسريع المرور بمرحلتي الركود والكساد، من خلال استخدام العديد من الوسائل التي أهمها سعر الفائدة حيث يرفع البنك المركزي معدلات الفائدة في مرحلة الرواج لامتصاص السيولة في السوق وكبح جماح التضخم أما في مرحلة الكساد فيقوم بخفض معدلات الفائدة في السوق لزيادة المعروض النقدي في السوق وتشجيع فتح مشاريع جديدة للخفض من نسبة البطالة.

في النهاية فإن الاقتصاد الرأسمالي يتعرض لأزمات اقتصادية بشكل دوري إلا أنه قادر على التكيف وتجاوز هذه الأزمات، وفقد مر بأزمة الكساد الكبير 1930، وأزمة الرهن العقاري في 2008 وفي كل مرة يتعافى ويرجع لمرحلة الانتعاش.

تعريف الأزمات الاقتصادية
ما هي مراحل الدورات الاقتصادية ؟