أفرز الاجتماع الإنساني صوراً مختلفة للتعاملات المالية ابتداءً من المقايضة وصولاً إلى الأوراق المالية، حيث كانت المقايضة أول وسيلة للتبادل بهدف قضاء الحاجات، ومع اتساع التعاملات ظهرت النقود كوسيط للتبادل له مميزات جوهرية عن نظام المقايضة، ظلت النقود تؤدي دورها في العمليات التجارية إلى أن ظهرت بعض الصعوبات فأصبحت عاجزة عن القيام بعمليات التبادل بمفردها، وكان لابد من وجود وسائل أخرى تساعد في الوفاء بالعمليات التجارية والمالية للأفراد، استمرت التطورات بشكل متدرج إلى أن وصلنا إلى أدوات مالية جديدة وهي الأوراق المالية.

على الرغم من انتشار استخدام هذه الأوراق المالية إلا أن الكثير من الناس لا يميز بينهما، في هذا المقال سوف نتطرق لأنواع مختلفة من الأدوات المالية الشائعة الاستخدام.

اقرأ أيضاً: رحلة النقود من القمح إلى الدولار

التعريف بالأوراق المالية

تعتبر الأوراق المالية أدوات قابلة للتداول تنطوي على شكل من أشكال القيمة، تمثل جزء من ملكية شركة تجارية “الأسهم“، أو تمثل علاقة مديونية أي علاقة دائن بمدين ما بين حامل الورقة المالية والهيئة المصدرة لها سواء كانت هيئة حكومية أم خاصة.

مما سبق يظهر أنه يمكن تصنيف الأوراق المالية بحسب ماهيتها إلى :

  1. أوراق المالية تمثل جزء من الملكية مثل الأسهم و الصك 
  2. أوراق مالية تمثل علاقة مديونية مثل السندات

اقرأ أيضاً: ما لابد معرفته عن الأوراق التجارية

أنواع الأوراق المالية

أولاً: الأسهم

تعد الأسهم من أشهر الأوراق المالية، والأسهم صكوك متساوية القيمة، قابلة للتداول بالطرق التجارية، تمثل حق المساهم في الشركة التي أسهم في رأس مالها وتعطي صاحبها الصلاحية في ممارسة حقوقه في الشركة.

خصائص الأسهم

  1. يمثل السهم ملكية في رأس مال الشركة، ويترتب على ذلك استحقاقه للأرباح حال تحققها، وتحمله للخسائر في حال تحققها، كما يعطيه صلاحيات المشاركة في إدارة الشركة من خلال الجمعية العامة للمساهمين.
  2. التساوي في القيمة: حيث يقسم رأس مال الشركة على عدد الأسهم، وتتساوى قيمة جميع الأسهم وتساوي القيمة يعني تساوي الحقوق طالما كانت من نوع واحد.
  3. عدم قابلية السهم للتجزئة: أي أن لا يتعدد مالكوا السهم أمام الشركة، فإذا ما آلت ملكية السهم لشركاء نتيجة الأرث أو الوصية أو الهبة، تكون ملكيتهم للأسهم صحيحة لكن يجب أن يختاوا شخص واحد يمثلهم أمام الشركة.
  4. الأسهم قابلة للتداول، حيث يمكن نقل ملكيتها سواء بالتسليم المادي إذا كان السهم لحامله، أو بالتنازل عنه المثبت في قيد لدى سجل المساهمين.

يعد اصدار الأسهم من الوظائف الهامة في تأسيس الشركات، لأنها تساعد الأفراد في المشاركة في تكوين رأس مال الشركات، وتساعد الشركات في مرحلة التأسيس أو التوسع من خلال زيادة رأس المال عند الحاجة لذلك.

أسباب إصدار الأسهم

  1. زيادة السيولة المالية للشركات لمواجهة الأزمات المالية.
  2. تمويل المشروعات الجديدة.
  3. تطوير المشروعات القائمة من خلال زيادة رأس مال الشركة.

اقرأ أيضاً: تعرّف على أنواع الأسهم في الشركات المساهمة

ثانياً: السندات

تمثل السندات عملية اقتراض تقوم بها الشركات أو الهيئات من خلال إصدار صكوك قابلة للتداول، يستحق مالكها فائدة ثابتة متفق عليها بالإضافة إلى قيمته الأسمية عند انتهاء مدة القرض، يسمح للشركات اصدارها بشروط.

خصائص السندات

  1. يعتبر حامل السند دائناً للشركة وليس شريكاً في الملكية.
  2. السندات صكوك تصدر بقيمة اسمية متساوية، لا تقبل التجزئة أمام الجهة المصدرة لها.
  3. لمالك السند الحق في استرداد قيمة السند عند حلول الأجل، بالإضافة إلى الفوائد الثابتة عليه سواء حققت الشركة أرباحاً أم لم تحقق.
  4. ليس لمالك السند حق التدخل أو الاشتراك في إدارة الشركة.
  5. الحق في التداول، لمالك السند الحق في تداول سنده وفقاً لشكل السند، فإذا كان سند اسمي ينقل بالقيد في دفاتر الشركة، وإذا كان لحامله يتم تداوله بالتسليم المادي.

أنواع السندات

تنقسم السندات من حيث جهة إصدارها

  1. السندات التي تصدرها المنشآت والشركات بهدف تمويل الاستثمارات متوسطة وطويلة الأجل
  2. السندات التي تصدر عن الحكومات، ويطلق عليها سندات الخزينة.
  3. السندات التي تصدر عن منظمات دو لية

تميل الشركات لاستخدام السندات لأنها تعتبر ديون على الشركة، وحاملي السندات يكونوا دائنين للشركة ولا يشاركون في ملكيتها، بالتالي فالشركة أو الهيئة تحصل على التمويل اللازم دون دخول مالكين إضافيين للشركة.

يلاحظ أن السندات تستحق عائد ثابت بغض النظر عن نتيجة نشاط الشركة بالربح أو الخسارة، فهي لا تعدوا أنها قرض ربوي يستحق فائدة. ولذلك لا يجوز التعامل بها من الناحية الشرعية الإسلامية لحرم الربا في النظام الاقتصادي الإسلامي.

اقرأ أيضاً: الآثار الاقتصادية للربا: كيف ينظر الاقتصاديون للربا

ثالثاً: الصكوك الاستثمارية

وتمثل الصكوك وثائق متساوية القيمة تعد حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو خدمات أو منافع أو موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري.

الصكوك هي الصيغة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية التي توازي السندات، والصكوك يقصد بها عند إطلاقها إصدار وثائق رسمية وشهادات ماليّة متساوية القيمة تمثل ملكية حصة شائعة في ملكيّة ما، سواء كانت هذه الملكية منفعة، أو حق، أو خليط منهما، أو مبلغ من المال، أو حتى دين، وتكون هذه الملكية قائمة فعلياً أو في مراحل الإنشاء، تصدر وفقاً لعقد شرعي وتلتزم بأحكام هذا العقد.
تختلف أنواع الصكوك والأحكام الواجب الإلتزام بها تبعاً للعقد الذي تم إصدار الصك بناءً عليه، منها صكوك الموجودات المؤجرة، وصكوك السلم ، وصكوك المرابحة، وصكوك المشاركة.

اقرأ أيضاً: 6 فروق يجب معرفتها ما بين البنوك الإسلامية والتقليدية

خصائص الصكوك

  1. متساوية القيمة تثبت لحاملها الحق فيما تمثله من حقوق والتزامات مالية.
  2. تمثل حصة شائعة في ملكية موجودات مخصصة للاستثمار، سواء أعيان أو خدمات أو حقوق معنوية أو ديون أو نقود، ولا تمثل ديناً في ذمة مصدرها.
  3. تصدر على أساس عقد من العقود في الشريعة الإسلامية، وبضوابط شرعية تنظم اصدارها وتداولها.
  4. تداولها يضخع لشروط تداول ما تمثله هذه الصكوك.
  5. يستحق مالك الصك الربح حسب الإتفاق المبين في نشرة الإصدار، ويتحمل خسارة بحسب ما يملكه من صكوك.

اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن صناديق الاستثمار ؟

يمكن اعتبار الصكوك الاستثمارية أسهم بالنظام إسلاميّ، حيث يشارك مجموعة أفراد في انشاء شركة ما، من خلال طرح حصص معينة يشارك كل فرد فيها بحسب رغبته، ويتم طرح هذه الصكوك للاكتتاب العام ويشتري الأفراد هذه الصكوك، يصبح لحامل الصك الحق في رأس المال المتداول وكذلك المشاركة في الإدارة، ويترتب على ذلك حقوق أخرى كحق التصرف بالصك  سواء بالبيع أو  الهبة أو الإرث، وكل الأحكام التي تتعلق بالمعاملات المالية.

يظهر مما سبق عزيزي القارئ تشابه السهم والصك في تحملها مخاطر الاستثمار وأنهما لا يضمنان عائداً ثابتاً، فعائدهما يرتبط بنتيجة الاستثمار ربحاً وخسارةً. في حين يضمن السند مبلغ الدين بالاضافة العائد الثابت على أصل الدين، وتعد السندات استثمار متدني المخاطر، إلا أنه ينطوي على فائدة ربوية محرمة شرعاً.

ترجع أهمية الأوراق المالية في أنها  استثماراً تقوم به الهيئات الحكومية مثل البلديات وتقوم به الشركات و المؤسسات التجارية عموماً، من خلال طرح الأوراق المالية بهدف جمع التمويل لمشروع ما أو لتوفير رأس مال إضافي أو حتى لسداد ديون مستحقة عليها. وعند إصدار الأوراق المالية يقوم مستثمرون بشراءها مقابل عائد عليها، يختلف العائد باختلاف نوع الورقة المالية. لذلك فإن الأوراق المالية على أختلاف أنواعها تبقى مركز اهتمام كبير من هذه الكيانات والشركات والمستثمرين.

ماهي الأوراق المالية ؟
ما الذي تفضله الشركات إصدار الأسهم أم السندات عند الحاجة ؟
ما الفرق بين السهم والصك والسند ؟
ما المقصود بالإكتتاب ؟