جدول المحتويات
تبرز السوق السوداء كأحد ظواهر الاقتصاد الأكثر تعقيدًا وتأثرًا على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية. حيث تعتبر الملجأ الأكثر جاذبية للأفراد عند فرض القيود التجارية، أو ارتفاع الضرائب، أو حدوث الأزمات.
لا يمكن حصرها في أنها ملاذ للأنشطة غير الشرعية، بل هي انعكاس للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. محدثةً طيف من الآثار السلبية على الاقتصاد الرسمي.
في هذا المقال، نستكشف ماهية السوق السوداء، ونشأتها التاريخية، وأبرز أشكالها، وكيف يمكن للدول أن تواجهها بشكل فعّال.
اقرأ أيضًا: 5 معلومات رئيسية عن الاقتصاد التحتي
أولًا: ما هي السوق السوداء؟
تعريف السوق السوداء
تعرف السوق السوداء بأنها نشاط اقتصادي يتم خارج السوق الرسمية التي تقرها الحكومة، بعيدًا عن رقابة السلطات المحلية أو الدولية، تتصف بعدم الشرعية أو أنها تخالف بعض القواعد والقوانين في الدولة. ويمكن أن تكون السلع والخدمات فيها على مستويين من الأسعار مقارنة بالسعر الطبيعي، فقد تكون أعلى منه بسبب أهميتها وندرة الحصول عليها بسبب تقنينها. أو قد تكون أقل من السعر الطبيعي لأنها مهربة أو مسروقة وغير خاضعة للضريبة.
مثل أن تكون القوانين تحدد مجموعة من السلع والخدمات التي يحظر انتاجها وتداولها أو تقييد تداولها، فإن عدم الالتزام بهذه القواعد والقوانين يشكل سوق سوداء لأن المعاملة نفسها تكون مخالفة للقانون. كما تشمل السوق السوداء التجارة غير المشروعة مثل تجارة المخدرات، والدعارة، والإتجار بالبشر.
يعكس هذا المصطلح الطبيعة السرية وغير القانونية لها، كما يعكس الآثار السلبية المرتبطة بها. حيث يستخدم اللون الأسود للإشارة للغموض وانتهاك القانون. ويشار لها كذلك بالسوق غير القانونية والسوق الموازية.
اقرأ أيضاً: 7 مفاهيم أساسية تتعلق بالحسابات القومية
حجم اقتصاد السوق السوداء
تمثل السوق السوداء جزءًا كبيرًا من الاقتصاد العالمي، إلا أن تحديد حجم هذا السوق بشكل دقيق يمثل تحديًا من الناحية النظرية بسبب الطبيعة السرية له. تشير التقديرات أن حجم الاقتصاد غير الرسمي- الذي تمثل السوق السوداء جزء منه – يمثل نسبة كبيرة من الناتج المحلي العالمي.
كما تشير الإحصاءات إلى أن حجم هذا السوق العالمية يصل إلى تريليونات الدولارات سنويًا، مع التأكيد إلى أن هناك تفاوت كبير في حجمها بين الدول والمناطق. إلا أنه لا يوجد إحصاءات دقيقة بشأن حجمها الحقيقي بسبب صعوبة الحصول على بيانات دقيقة عنها.
نشأة وتطور السوق السوداء
السوق السوداء ليست ظاهرة حديثة بل هي قديمة قدم الاقتصاد نفسه، وقد نشأت نتيجة القيود المفروضة على العرض والطلب من قبل الحكومات، أو بسبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تهيئ البيئة المواتية لازدهار الأنشطة الاقتصادية غير القانونية.
في العصور الوسطى فرضت الأنظمة الاقطاعية ضرائب مرتفعة وقيود على عمليات التجارة، مما أدى لظهور تجار يعملون خارج الأسواق الرسمية لتجنب دفع الضرائب، وشكلت تجارة السلع الأساسية مثل الحبوب والملح جزءًا كبيرًا من هذه السوق.
في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ومع حدوث الثورة الصناعية وظهور حركة التجارة الدولية فرضت الدول قوانين جديدة لتنظيم الأسواق، مما أدى لانتشار التهريب والتجارة غير الرسمية كجزء من السوق السوداء، كما ظهر التهريب عبر السفن خاصة السلع ذات الضرائب العالية مثل الحرير والتبغ والكحول.
الحكومات في الدول المتحاربة خلال الحربين العالميتين فرضت قيودًا على المواد الغذائية والوقود، والمواد الخام لتوفير إمدادات للجنود، مما اضطر المواطنون إلى تأمينها من السوق السوداء نتيجة لنقص السلع. ففي أوروبا على سبيل المثال كانت هذه السوق هي المصدر الرئيس لتأمين الطعام والملابس والوقود. في حين ازدهرت السوق السوداء للسكر والوقود واللحم في الولايات المتحدة.
في النصف الثاني من القرن العشرين وفي الدول الاشتراكية تحديدًا نشطت هذه السوق لتوفير السلع المستوردة التي لا توفرها الدولة. في حين أن الحروب كانت سبب ظهور السوق السوداء في الدول النامية مثل الدول في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، خاصة مع ضعف الرقابة الحكومية مما أسهم في توسع أنشطتها.
في العصر الحديث ومع تطور التكنولوجيا كان من الطبيعي أن تنتقل السوق السوداء إلى العالم الرقمي، وظهر ما يعرف بالإنترنت المظلم (Dark Web) حيث أصبح المكان الرئيس لتجارة البضائع والخدمات غير القانونية مثل المخدرات، والأسلحة، والاتجار بالبشر. كما ظهرت سوق سوداء خلال جائحة كورونا للمنتجات الطبية، كما توسعت السوق السوداء للوقود والمواد الغذائية خلال الأزمة الأوكرانية والسورية.
اقرأ أيضاً: السياسة المالية | كيف تسعى الدول لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ؟
خصائص الاقتصاد الأسود
- مخالفة القوانين والتشريعات الوطنية، حيث يشما أنشطة تهريب المخدرات، وغسيل الأموال، والاتجار بالبشر.
- مزاولة الأنشطة في الخفاء بعيدًا عن أعين السلطات، حيث يستخدم العاملون فيه أساليب معقدة يصعب اكتشافها وتعقبها، أو يتم تداولها عبر الإنترنت المظلم.
- تشويه البيانات الاقتصادية مما يصعّب على الدولة اتخاذ قرارات التخطيط بشكل فعال، ومن ناحية أخرى يؤدي إلى فقدان الدولة جزء من الإيرادات الضريبية.
- يشمل الأنشطة عالية المخاطر، ترتبط بالجريمة المنظمة غالبًا، مثل الاتجار بالبشر، والدعارة، وبيع الأعضاء
- الانتشار العالمي حيث لا يقتصر على منطقة أو اقاليم معينة، بل هو ظاهرة عالمية ويزدهر في الدول التي تعاني من الفساد والأزمات، وضعف القوانين.
- يتسم الاقتصاد الأسود بالربحية العالية، وذلك نتيجة لطبيعته غير القانونية والمخاطرة العالية.
- التكيف السريع مع التكنولوجيا، حيث استفاد الاقتصاد الأسود من التقنيات الحديثة في مزاولة أنشطته، مثل العملات الرقمية والانترنت المظلم.
- يشمل جميع أشكال النشاط الاقتصادي من المقايضة وعدم استخدام النقود إلى التعامل الإلكتروني.
- يعمل في السوق السوداء أصناف المجتمع ككل على اختلاف أعمارهم، واجناسهم، وتعليمهم، والاجتماعية.
اقرأ أيضًا: ما يجب أن تعرفه عن الشمول المالي
الفرق بين السوق السوداء والاقتصاد غير الرسمي
قد يصعب على البعض التفريق بين السوق السوداء والاقتصاد غير الرسمي، فكلاهما أنشطة تتم خارج النظام الرسمي، إلا أنهما يختلفان من حيث الطبيعة، والقوانين المنظمة لهم، والأهداف. في الجدول التالي نوجز أهم الفروق بينهما:
السوق السوداء | الاقتصاد غير الرسمي | البند |
أنشطة اقتصادية غير قانونية، أو أنها غير شرعية من حيث طبيعة النشاط. | أنشطة اقتصادية قانونية من حيث الأصل والنشاط لكنها غير مسجلة في السجلات الحكومية. | التعريف |
غير قانونية وتخالف القوانين والتشريعات | قانونية في الأساس لكنها لا تخضع للتسجيل الرسمي، ولا تلتزم بدفع الضرائب والمتطلبات القانونية. | الشرعية |
تحقيق أرباح من خلال تجاوز القوانين، وعدم الالتزام بالقوانين المقيدة لتداول بعض السلع أو بيع سلع محظورة. | تعتبر مصدر دخل للأفراد أو الأسر غير القادرين على الدخول في الاقتصاد الرسمي. | الأهداف |
دعم الأنشطة الإجرامية، تؤدي لنقص السلع في الاقتصاد الرسمي وارتفاع أسعارها | تؤدي إلى انخفاض الإيرادات الضريبية. تضعف قدرة الدولة على التخطيط الاقتصادي. | الآثار الاقتصادية |
تشمل تجارة السلع المحظورة (مثل المخدرات والأسلحة) أو العملات بشكل غير قانوني، تهريب السلع. | تشمل الباعة المتجولين، العمالة اليومية، والمشاريع الصغيرة غير المسجلة، العاملين المستقلين على الانترنت. | الأنشطة |
تعزز الجريمة وارتفاع الأسعار، وتؤدي إلى تآكل الثقة في النظام الاقتصادي الرسمي. | تدعم الأسر الفقيرة وتوفر فرص عمل لكنها تُضعف تنظيم الاقتصاد بشكل عام، لأنها تؤثر على البيانات الاقتصادية للدولة. | التأثير الاجتماعي |
– تجارة العملات الأجنبية بأسعار السوق الحرة. – تهريب الوقود أو السلع المدعومة. – بيع الدولار بشكل غير قانوني | – بائعة المتجولون. – السائقين على التطبيقات. – العاملين المستقلين على الانترنت. | الأمثلة |
اقرأ أيضًا: كيف يؤثر البنك المركزي على النشاط الاقتصادي؟
ثانيًا: أسباب ظهور السوق السوداء
يرجع ظهور السوق السوداء إلى مزيج من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فيما يلي نستعرض أهم الأسباب التي أدت لظهور هذا النشاط الاقتصادي:
- القيود الحكومية التي تفرض تقنين على بيع وتوزيع السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود، وغالبًا ما يكون ذلك لظروف استثنائية مثل الحروب والأزمات، نتيجة لذلك تظهر السوق السوداء لردم الفجوة التي ناتجة عن طلب المستهلكين الذي يفوق الحد المسموح.
- الأزمات الاقتصادية التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار للسلع الأساسية، مما يقلل عرضها في السوق. من ناحية أخرى يقل الإنتاج في أوقات الركود مما يزيد من مشكلة نقص العرض. وهنا يلجأ المستهلكين للسوق السوداء لتلبية احتياجاتهم.
- انخفاض قيمة العملة المحلية مما يؤدي إلى نشاط السوق السوداء للعملات الأجنبية، حيث يسعى الأفراد للحصول عليها خارج القنوات الرسمية.
- الحروب والصراعات تؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد مما يؤدي إلى نقص في الامدادات الطبية والغذائية، فعلى سبيل المثال كانت السوق السوداء هي المصدر الأساسي لتوفير الوقود والطعام في اوروبا.
- الطلب على السلع المحظورة وغير القانونية مثل المخدرات والسلاح والتجارة بالبشر، وبيع الاعضاء.
- فرض الدولة قيودًا على شراء العملات الأجنبية أو تلجأ لتحديد سعر صرف منخفض عن سعر السوق بشكل غير واقعي. تنشأ سوق سوداء لبيع العملات الأجنبية عند سعر أعلى.
- الفساد الإداري، حيث يتواطأ المسؤولون مع العاملين في السوق السوداء وتأمينهم قانونيًا وعدم محاسبتهم. خاصة مع ضعف الأنظمة الرقابية التي تزيد فرصة نمو السوق السوداء.
اقرأ أيضًا: السياسة المالية | كيف تسعى الدول لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ؟
رابعًا: أشكال السوق السوداء
تتنوع أشكال السوق السوداء بناءً على طبيعة السلع والخدمات التي يتم تداولها فيها، فيما يلي إيضاح لأبرز هذه الأنواع:
أولًا: تجارة السلع النادرة
تعتبر تجارة السلع النادرة من أبرز السلع المتداولة في السوق السوداء، وتنشأ هذه التجارة نتيجة للسياسات الحكومية والظروف الاقتصادية.
فقد تفرض الحكومات قيودًا على توزيع بعض السلع الأساسية، حيث تقوم بتحديد حصة معينة لكل فرد أو أسرة، وذلك بهدف إدارة الموارد المحدودة أو في فترات الحروب والأزمات. قد ينتج عن ذلك نقص في المعروض من هذه السلع في الأسواق الرسمية. مما يؤدي إلى فجوة بين العرض والطلب، وهذا يدفع المستهلكين للبحث عن طرق بديلة للحصول على السلع، وغالبًا ما يكون الحصول عليها من قنوات غير قانونية.
كما قد تنشأ سوق سوداء للسلع المستوردة، حيث تفرض الحكومات قيودًا على بعض السلع المستوردة، بهدف حماية الصناعات المحلية، أو لأهداف اقتصادية أو صحية. تكون هذه القيود بصورة فرض حصص استيراد، أو فرض تعريفات جمركية مرتفعة، أو حظر الاستيراد بشكل كامل. نتيجة لذلك يتجه المستهلكين والتجار للحصول عليها من السوق السوداء
ثانيًا: تجارة العملات
عندما تفرض الدولة قيودًا على كمية العملات المسموح بتحويلها، أو تجديد أسعار صرف غير واقعية، غالبًا ما تكون أقل من القيمة الحقيقية. مما يدفع الأفراد والشركات على حد سواء للجوء لسوق السوداء لتأمين حاجاتهم من العملات الأجنبية، أو الحصول على العملات بأسعار قريبة من قيمتها الحقيقية.
ثالثًا: التجارة غير القانونية
تعد التجارة غير القانونية جزءًا كبيرًا من السوق السوداء، وتشمل مجموعة من السلع المحظورة قانونيًا، ويمكن تصنيفها لمجالات رئيسية.
- المخدرات: وتشمل إنتاج وتوزيع مواد مثل الهيروين، والماريجوانا، والكوكايين.
- تجارة الأسلحة: وتشمل شراء وبيع الذخائر والأسلحة غير المرخصة
- الأعضاء البشرية: بما تتضمنه من استئصال ونقل وبيع الأعضاء البشرية، مثل الكبد، والكلى، وغيرها من الأعضاء بطرق غير قانونية.
- الإتجار بالبشر: ويقصد به صور استغلال الأفراد المختلفة، مثل العمل القسري، والدعارة، واستغلال الأطفال، وبيع حديثي الولادة.
- تجارة الحياة البرية غير القانونية: تقوم هذه التجارة على بيع الحيوانات المهددة بالانقراض، أو بيع ما ينتج عنها مثل العاج، والجلود.
- السلع المقلدة: على الرغم من وجود قوانين صارمة لمواجهة بيع السلع المقلدة، إلا أنه لايزال هناك سوق كبيرة لها، ولا يقتصر أثر بيع السلع المقلدة على تخفيض أرباح المنتجين، بل يقوض ثقة المستهلكين بالسوق ككل.
اقرأ أيضًا: ما هي أهداف المجتمع الاقتصادي
خامسًا: آثار السوق السوداء
الآثار الاقتصادية
- يستفيد العاملين في السوق السوداء من جميع الخدمات المقدمة في القطاع الرسمي دون المشاركة في الضرائب نهائيًا، مما يفقد الحكومات إيرادات كبيرة وينتج عن ذلك عجز في الموازنة العامة للدولة.
- كلما ازداد حجم نشاط السوق السوداء بالنسبة للاقتصاد الرسمي نتج عن ذلك معلومات واحصائيات غير دقيقة، كما يعطي مؤشرات اقتصادية غير واقعة، مما يعني اتخاذ قرارات اقتصادية خاطئة بناء عليها.
- التأثير على سياسات الاستقرار الاقتصادي، فهناك علاقة عكسية ما بين النمو السوق السوداء وسياسات الاستقرار الاقتصادي، مما يؤدي إلى تشويه مؤشرات الاستقرار الاقتصادي.
- توثر السوق السوداء على الكفاءة الاقتصادية في توزيع الموارد الاقتصادية في المجتمع، حيث أن أنشطة الاقتصاد الرسمي تخضع للضرائب والرسوم في حين أن أنشطة السوق السوداء لا تخضع لذلك، والطلب على الخدمات سوف يزداد في حين أن الضرائب تحصل مع القطاع الرسمي فقط، مما يعني أنها تزداد على العاملين في الاقتصاد الرسمي فحسب. في ظل هذه الحالة تصبح المنافسة غير عادلة بين الاقتصاد الرسمي والسوق السوداء، مما يمكن السوق السوداء على جذب مقدار أكبر من الموارد.
اقرأ أيضًا: ما هي انواع العملات الافتراضية؟.
الآثار الاجتماعية
لا يقتصر تأثير السوق السوداء على الجوانب الاقتصادية، بل تلقي بظلالها بشكل سلبي على المجتمع ككل، وتظهر في شكل مشكلات اجتماعية يمكن إيجازها في الآتي:
- تعريض المستهلكين للخطر: غالبًا ما تكون السلع المتداولة في السوق السوداء غير مطابقة لمعايير الجودة في الدولة، حيث يشيع فيها السلع المهربة والمقلدة مثل الأدوية، والأغذية، والتي قد تكون خطرًا على صحة المستهلكين.
- زيادة معدلات الجريمة: غالبًا ما تنشط السوق السوداء في الخفاء، مما يجعلها بيئة حاضنة للأنشطة الاجرامية، حيث يستغلها المجرمون لتوسيع وبسط النفوذ وتنفيذ عملياتهم بشكل سري. مثل الاتجار بالبشر، وتهريب الأموال، وتجارة المخدرات.
- انتشار الفساد: تعتمد السوق السوداء بشكل كبير على الاحتيال والرشوة لتجنب الرقابة الحكومية، كما يتورط مسؤولون فاسدون في تسهيل الأنشطة غير القانونية مقابل المال أو مزايا خاصة. مما يؤدي إلى انخفاض الثقة بالمؤسسات الحكومية وتفشي شعور لإحباط والعجز لدى المواطنين.
- تفاقم الفجوة الاجتماعية: تؤدي السوق السوداء إلى تراكم الثروات غير المشروعة في يد قلة من الشعب الناشطين فيها، مما يجذر التفاوت الاجتماعي، ويضر بأصحاب الدخل المحدود حيث يتضررون بسبب ارتفاع أسعار السلع التي تهرب وتحتكر في السوق السوداء.
اقرأ أيضًا: ما هي عملة البيتكوين وكيف تتمكن من جمعها ؟
سادسًا: استراتيجيات مواجهة السوق السوداء
مواجهة السوق السوداء تتطلب استراتيجيات متكاملة للحد من آثارها السلبية اقتصاديًا واجتماعيًا، فيما يلي أبرز الاستراتيجيات لمواجهة هذه الظاهرة:
- تعزيز الرقابة الحكومية من خلال تفعيل دور الدولة الرقابي في الأسواق المحلية والتجارة الدولية، والتصدي للأنشطة غير القانونية التي تساعد في تغذية هذه السوق. من خلال استخدام التكنولوجيا، وزيادة عدد الجهات الرقابية وتعزيز صلاحيتها، وفرض عقوبات رادعة على المتورطين في السوق السوداء.
- الحد من البيروقراطية والقيود القانونية التي تحكم التعامل مع الافراد والشركات، من خلال تسهيل إجراءات التسجيل والترخيص للشركات، وتحديث التشريعات لتكون أكثر انسجامًا مع المتغيرات الاقتصادية.
- تحسين النظام الضريبي، حيث أن ارتفاع معدلات الضرائب يدفع الشركات إلى التهرب الضريبي واللجوء إلى السوق السوداء. فيجب على الدولة فرض معدلات ضريبة معقولة تشجع على الامتثال الضريبي، وتقديم الحوافز للشركات الصغيرة والمتوسطة، واستخدام التكنولوجيا في تحصيل الضرائب للحد من الفساد.
- تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية: حيث يدفع الفقر والبطالة الأفراد إلى اللجوء للسوق السوداء لإيجاد فرص عمل، يمكن. للدولة أن تسعى لتوفير فرص عمل إضافية، وتحسين رواتب القطاع الرسمي، وتقديم برامج تدريب وتأهيل مهني تهدف لرفه كفاءة القوى العاملة.
- نشر الوعي بالآثار السلبية للسوق السوداء، حيث أن قلة وعي المواطنين بآثارها يؤدي إلى توسع هذه الظاهرة، يمكن للدولة أن تقوم بحملات توعوية بمخاطر السوق السوداء، وتنظيم الندوات لمختلف فئات المجتمع، وإدخال مفاهيم الاقتصاد القانوني ضمن مناهجها المدرسية.
- تعزيز التعاون الدولي فغالبًا ما تكون السوق السوداء عابرة للحدود، وهذا يتطلب تعاونًا دوليًا للتصدي لها، قد يكون ذلك من خلال تبادل المعلومات بين الدول، وتعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية والرقابية عالمًا، وصياغة سياسات مشتركة لمكافحة عمليات التهريب.
- تقديم الدعم للاقتصاد الرسمي مما يقلل المنافسة غير العادلة التي فرضتها السوق السوداء، من خلال دعم الصناعات الوطني لتقليل الاعتماد على السلع المستوردة، وتقديم الحوافز للمشاريع في المناطق النائية، وتيسير التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة.
اقرأ أيضًا: مقدمة أساسية في التكنولوجيا المالية
في كل لحظة يتزايد نمو السوق السوداء، وتستمر في إلقاء ظلالها السلبية على بنية المجتمعات. وهنا يبرز دولا الأفراد والمؤسسات والحكومات على حد سواء في التصدي لها، لأن الآثار السلبية لها ليست أرقام على الورق فحسب، بل هي عامل أساسي في تقويض جهود التنمية المستدامة.
لذا فإن تعزيز الوعي الجماعي بخطورتها خطورة أساسية في مواجهتها، بالإضافة إلى تطوير سياسات اقتصادية عادلة، ولا يقتصر ذلك على المستوى الوطني فحسب، بل يشمل التعاون دوليًا في ذلك.
لكن هل يمكننا كأفراد المساهمة في كبح السوق السوداء من خلال رفض شراء السلع والخدمات غير المشروعة؟
كن جزءًا من الحل، وابدأ اليوم في نشر الوعي حول خطورة دعم هذا القطاع من الاقتصاد.
الأسئلة الأكثر شيوعًا حول السوق السوداء
ما هو معنى السوق السوداء؟
تعرف السوق السوداء بأنها نشاط اقتصادي يتم خارج السوق الرسمية التي تقرها الحكومة، بعيدًا عن رقابة السلطات المحلية أو الدولية، تتصف بعدم الشرعية أو أنها تخالف بعض القواعد والقوانين في الدولة.
ما هي أبرز منتجات السوق السوداء؟
1- السلع النادرة والمقننة
2- المخدرات.
3- الأسلحة.
4- العملات الأجنبية.
5- الأعضاء البشرية.
6- السلع المقلدة.
6- الحياة البرية.
7- الأعمال الفنية المسروقة.
8- المنتجات الرقمية والمعلوماتية.
9- الخدمات غير القانونية.
ما هي أضرار السوق السوداء؟
الأضرار الاقتصادية
تراجع الإيرادات الحكومية بسبب التهرب الضريبي.
إضعاف الاقتصاد الرسمي وتقليص نموه.
زيادة معدلات التضخم نتيجة الاحتكار.
الأضرار الاجتماعية
تعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
زيادة معدلات الجريمة والفساد.
استغلال العمالة غير القانونية بما فيها النساء والأطفال.
الأضرار الصحية
انتشار سلع غير آمنة كالأدوية المقلدة أو المغشوشة.
مخاطر صحية بسبب المنتجات غير المطابقة للمواصفات.
الأضرار الأمنية
تمويل الأنشطة الإرهابية والجماعات المسلحة.
زيادة عمليات التهريب التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار.
الأضرار السياسية
تقويض الثقة في الحكومات والمؤسسات الرسمية.
تعزيز بيئة الفساد وتقويض سيادة القانون.
ما هي أسباب ظهور السوق السوداء؟
1- فرض قيود حكومية صارمة على عمليات الاستيراد والتصدير.
2- زيادة الضرائب بشكل يدفع الأفراد والشركات للتهرب الضريبي عبر السوق السوداء.
3- التضخم والركود الاقتصادي مما يؤدي إلى نقص السلع والخدمات.
4- استغلال المسؤولين لضعف النظام الرقابي لتحقيق مكاسب شخصية.
5- لجوء الأفراد إلى السوق السوداء بهدف تبادل العملات نتيجة لانهيار العملة الرسمية.
6- حدوث الأزمات والحروب مما يؤدي إلى نقص الموارد والسلع الأساسية يدفع الناس للجوء إلى السوق السوداء.
7- الفجوة بين العرض والطلب مما يؤدي إلى ضعف الإنتاج أو نقص السلع ينتج عن ذلك طلب يفوق العرض المتاح، وهنا يلجأ الأفراد إلى السوق السوداء للحصول عليها.