كثيرًا ما نسمع في الأخبار الاقتصادية مصطلح الشركات القابضة، قد لا يكون هذا النوع مألوفًا كالأنواع الأخرى من الشركات التجارية، على الرغم من ذلك فمن المؤكد أنك تعرف على الأقل شركة من هذا النوع، فأغلب الشركات العملاقة هي شركات قابضة.

في هذا المقال ستتعرف إلى معنى الشركة القابضة، وأنواعها، وأهمية وجودها بالإضافة إلى مزاياها وعيوبها.

اقرأ أيضًا: الشركات التجارية | 3 أنواع رئيسية.

ماهي الشركات القابضة؟

يمكن تعريف الشركة القابضة بشكل مختصر أنها كيان تجاري يمتلك شركات أخرى، بحيث يمتلك الحصة الأكبر من الأسهم المتداولة مما يمنحه الحق في السيطرة والتأثير على إدارة الشركة. لكن على الرغم من أن الشركة القابضة تمتلك أصولًا في شركات أخرى إلا أنها غالبًا ما تقوم بدور رقابي عليها، ولا تشارك في إدارة العمليات اليومية للأعمال التجارية للشركات التابعة.

عادة ما تكون الشركات القابضة شركة مساهمة أو شركة ذات مسؤولية محدودة أو شركة ذات الشخص الواحد، ينتشر هذا النوع من الشركات في العديد من الصناعات إلا أنه أكثر انتشارًا في القطاع المالي والقطاع الصحي.

مما سبق يتضح أن الشركة القابضة لا يعد الهدف الأساسي لها تقديم منتج أو خدمة بمقدار أنها تسعى لإدارة واستثمار أموالها في شراء حصص مؤثرة في شركات أخرى وتسمى هذه الشركات بالشركات التابعة.

ويمكن تعريف الشركة التابعة بأنها شركة تسيطر عليها شركة أخرى، بحيث تمتلك الشركة المسيطرة أكثر من 50% من الأسهم في الشركة التابعة، مما يعطيها السيطرة على عمليات الشركة التابعة.

ومن المسميات الأخرى للشركات القابضة الشركة الأم وأحيانًا تسمى المِظلة.

اقرأ أيضًا: التمويل الجماعي طريق رواد الأعمال.

كيف تعمل الشركات القابضة؟

تمتلك الشركات القابضة الشركات التابعة، يمكن أن تمتلك 100% من أسهمها ويمكن أن تمتلك من الأسهم ما يمنحها السيطرة عليها وهو عادة مايكون 51% من أسهمها.

تمارس الشركات التابعة أنشطتها الرئيسية سواء كانت تصنيع أو القيام بأعمال تجارية، كما يحق لها امتلاك عقارات وممتلكات فكرية أو مركبات أو عقارات أو أي شيء يمكن أن تستخدمه.

وتكون كل شركة من الشركات التابعة لها إدارتها الخاصة التي تدير عملياتها اليومية دون تدخل من إدارة الشركة القابضة، إلا أن الشركة القابضة تقوم بالإشراف على كيفية إدارة الشركات التابعة، وانتخاب مديري الشركات وإزالتهم، واتخاذ القرارات الرئيسية للشركة مثل قرار الدمج مع شركات أخرى أو حل الشركة.

تتحمل إدارة الشركة القابضة مسؤولية تحديد مكان استثمار الأموال، كما يمكنها الحصول على الأموال لتمويل استثماراتها من خلال بيع حصص من حقوق الملكية في الشركة القابضة نفسها أو الشركات التابعة لها، أو تموّل استثماراتها من خلال ايرادات الأرباح التي تتلقاها من الشركات التابعة لها، أو من خلال الاقتراض، وبالتأكيد من خلال ما تحققه من أرباح نتيجة نشاطها الخاص في حال كانت شركة قابضة مختلطة.

بالتالي تتلخص مهام  الشركة القابضة في الإشراف على إدارة الشركات التابعة وسياساتها العامة، بالإضافة إلى متابعة مصروفاتها وإيراداتها، وتوفر الأموال اللازمة التي قد تحتاج إليها إي شركة من الشركات التابعة، وبالتأكيد استثمار رؤوس الأموال المتوفرة لدى الشركة القابضة لتحقيق أكبر عائد ممكن.

اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن صناديق الاستثمار ؟

أنواع الشركات القابضة.

تنقسم الشركات القابضة إلى عدة فئات وهي الشركة القابضة النقية والشركة القابضة المختلطة والشركة القابضة الفورية.

  • الشركة القابضة النقية: يكون الهدف الوحيد من هذه الشركة هو امتلاك أكبر قدر من أسهم الشركات الأخرى والإشراف عليها، دون أن يكون لها أي نوع آخر من الأعمال.
  • الشركة القابضة العاملة أو المختلطة: وهي شركة قابضة تقوم بعمليات تجارية خاصة بها، بالإضافة لامتلاكها الحصة الأكبر من الأسهم في شركات اخرى والإشراف عليها اداريًا، ولا يشترط أن يكون نشاط الشركة القابضة نفس نشاط الشركات التابعة لها.
  • الشركة القابضة الفورية: وهي شركة تمتلك الحصة الأكبر من أسهم شركات أخرى، إلا أنها مملوكة لشركة قابضة أخرى، أي أنها شركة قابضة تابعة لشركة قابضة أخرى.

اقرأ أيضًا: 7 معلومات عليك معرفتها عن شهادات الاستثمار.

مزايا الشركات القابضة.

يلجأ المستثمرون للاستثمار في الشركات القابضة لما تتمتع به من ميزات اقتصادية وقانونية:

  • المسؤولية المحدودة.

الهيكل القانوني في الشركات القابضة يعمل كدرع يحمي أصول الشركة، حيث تمارس الشركة الشركة القابضة السيطرة على عدة شركات، وكل شركة تعتبر كيانًا مستقلًا، بالتالي إذا تعرضت إحدى الشركات للإفلاس فإنه لا يحق للمدَعين المطالبة أصول الشركات التابعة الاخرى، ولا تتحمل الشركة القابضة أي مسؤولية. وهذا الأمر ينطبق على الديون فديون كل شركة تابعة تنتمي لنفس الشركة، ولا يمكن لدائني الشركة التابعة مطالبة الشركة القابضة أو الشركات التابعة الاخرى.

إلا أنه في حال إفلاس شركة تابعة فإن الشركة القابضة تخسر رأس المال المستثمر  في الشركة المفلسة وانخفاض في صافي القيمة.

  • السيطرة على الإدارة.

تمتلك الشركات القابضة حصة مسيطرة في الشركات التابعة، دون الحاجة لشراء 100% من أسهم الشركة التابعة، فعندما تشتري الشركة القابضة 51% أو أكثر من أسهم الشركة التابعة، تكتسب حق السيطرة على الإدارة تلقائيًا، وهذا يعني أن الشركات القابضة تكتسب السيطرة على كيانات أخرى دون الحاجة مقابل استثمار صغير نسبيًا.

من ناحية أخرى تخول حصة الأسهم المسيطرة الشركة القابضة من تغيير الإدارة، دون الحاجة للتدخل في الإدارة اليومية للشركة، كل ما تحتاجه اختيار إدارة ذات كفاءة ثم مراقبة أدائها دون تدخل إلا في القرارات الاستراتيجية.

  • انخفاض تكلفة تمويل الديون.

تتمتع الشركات القابضة عادة بقوة مالية تمكنها من الحصول على القروض بسعر فائدة أقل وسرعة أكبر مقارنة بالشركات التابعة، خاصة إذا كانت الشركة المحتاجة للتمويل شركة ناشئة أو مشروع عالي المخاطر، بالتالي يمكن للشركة القابضة الحصول على التمويل بسرعة ثم تحويله للشركات التابعة لممارسة أعمالها.

  • توزيع المخاطر.

تقوم الشركات القابضة بالاستثمار في قطاعات مختلفة وشركات ناشئة دون الخوف من الخسارة، لأن كل شركة تابعة تعتبر كيانًا مستقلًا، ففي حال فشل أي مشروع لا يعتبر خطر عليها لأن هناك مشاريع أخرى تعوض هذه الخسارة، لذلك نرى الشركات الكبيرة تقبل على عمليات الاستحواذ دون خوف لأن لديها مشاريع اخرى تحقق ارباح.

  • المزايا الضريبية.

يمكن للشركات القابضة الاستفادة من المزايا الضريبية من خلال تقديم إقرارات ضريبية موحدة، بحيث يتم جمع السجلات المالية الخاصة بالشركات التابعة مع السجلات المالية للشركة القابضة،بالتالي إذا حققت إحدى الشركات التابعة خسارة فإنها تعوض من أرباح شركات أخرى، بالتالي يتم دفع ضرائب أقل.

من ناحية أخرى غالبًا ما تكون الشركات التابعة في بلدان مختلفة، مما يعني وجود أنظمة ضريبية مختلفة، وهذا يمكن الشركة القابضة من تقديم إقرارها الضريبي في البلدان التي تقدم تسهيلات ضريبية أكثر.

اقرأ أيضًا: كيف ظهرت أزمة سلاسل الإمداد ؟

عيوب الشركات القابضة.

على الرغم مما تتمتع به الشركات القابضة من مزايا إلا أنها لا تخلو من العيوب.

  • التكاليف التشغيلية.

يتطلب تأسيس الشركة القابضة وكل شركة فرعية دفع رسوم تأسيس، بالإضافة إلى رسوم الإدارة للشركة القابضة إذا كانت لا تمارس أي نشاط تجاري لتحقيق إيرادات، بالتالي سيكون هناك رسوم إدارة إضافية مثل إدارة الموارد البشرية والموارد القانونية.

  • الهيكل المعقد.

نمط الشركة القابضة والشركات التابعة لها يتصف بالتعقيد، بسبب وجود العديد من الشركات الواجب متابعتها، كما يجب على الاحتفاظ بالسجلات التي تحتوي على الأصول والخصوم بشكل مناسب كي تثبت للقانون وأصحاب المصلحة أن الشركات مستقلة، لأن عدم القيام بذلك بصورة مناسبة قد يؤدي إلى وصول الدائنين إلى أصول تتعدى الشركة التابعة للشركة القابضة.

  • تضارب المصالح.

إذا لم تمتلك الشركة القابضة ملكية الشركة التابعة 100%، فقد يظهر تضارب في المصالح ما بين الشركة القابضة والأقلية المالكة لباقي الأسهم.

من ناحية أخرى لا يجب على إدارة الشركة القابضة خبيرة بأعمال الشركات العاملة، لذلك قد تتخذ الشركة القابضة قرارات رئيسية في الشركة التابعة تتعارض مع مصلحة الأقلية.

كما قد تقوم بعض الشركات القابضة بإجبار الشركات التابعة على التجارة فيما بينها بأسعار مخفضة أو أعلى من السوق. أو إجبارهم على تعيين أعضاء مجلس إدارة مختارين أو اتباع سياسات محددة.

اقرأ أيضًا: كيف تعمل شركات التأمين ؟

أمثلة على الشركات القابضة.

المثال الأول: Alphabet Inc

جميعنا يستخدم محرك البحث جوجل وقد تأسست شركة جوجل في 1998 من قبل Larry Page و Sergey Brin، إلا أنها خضعت لإعادة الهيكلة  في 2015 لتظهر لنا شركة Alphabet Inc، لتصبح الشركة الأم التي تمتلك جوجل والعديد من الشركات الأخرى.

كان الهدف من ذلك تضييق نطاق عمل جوجل للتركيز على أعمالها الأساسية، وإنشاء إدارة أفضل للشركات التابعة لها من خلال تشغيل الشركات بشكل منفصل.

تشتمل شركة Alphabet Inc على عدة شركات مثل Calico و CapitalG و Chronicle و DeepMind Technologies و GV (Google Ventures سابقًا) و Google Fiber و Jigsaw و Makani و Sidewalk Labs و Verily و Waymo.

المثال الثاني: شركة سوني (Sony Corporation)

شركة سوني اليابانية تعتبر تكتل متعدد الجنسيات، ولها انتشار واسع في مجال مجال الإلكترونيات والموسيقى والبلاي ستيشن، تم تأسيس سوني بواسطة Akio Morita و Masaru Ibuka في عام 1946.

تدير شركة سوني العديد من الشركات التابعة مثل هي Sony Electronics Inc، و Sony Global Manufacturing & Operations Corporation، و Sony Interactive Entertainment Inc، و Sony Mobile Communications و Sony Music Entertainment (مجموعة CBS سابقًا).

المثال الثالث: JPMorgan Chase & Co.

جي بي مورجان تشيس وشركاه احدى أكبر الشركات العالمية في مجال الاستثمار وصناعات الخدمات المالية. تأسست في عام 2000 من خلال اندماج بنك جي بي مورجان وتشيس مانهاتن . مقرها في نيويورك، الولايات المتحدة.

تمتلك الشركة أكثر من 40 شركة تابعة حول العالم لإدارة الأصول والثروات، وتقديم الخدمات المصرفية للشركات والاستثمار، المصرفية التجارية، والخدمات المصرفية الاستهلاكية والمجتمعية.

من الشركات التابعة لها JPMorgan Chase Bank و JPMorgan Asset Management Holdings Inc، و JPMorgan Securities LLC و Chase Bank USA.

المثال الرابع: شركة المملكة القابضة.

من أكبر الشركات في المملكة العربية السعودية، تأسست عام 1970 برأس مال 100 ألف ريال سعودي، تحت مسمى مؤسسة المملكة للتجارة والمقاولات، وكانت مملوكة بالكامل للوليد بن طلال، وبعد 16 عام وفي عام 1995 تمت إعادة هيكلتها وتحويلها إلى شركة قابضة.

تمتلك الشركة العديد من الاستثمارات في قطاعات استراتيجية في عدة بلدان، مثل الاتصالات، والإعلام والقنوات التلفازية، والبنوك، والفنادق والعقارات، بالإضافة إلى التقنية والتكنولوجيا.

فهي تمتلك مجموعة روتانا (القنوات – شركة الإنتاج – الإصدارات الرقمية)، مجموعة مدارس المملكة، فنادق Four Seasons.

اقرأ أيضًا: السياسة المالية | كيف تسعى الدول لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ؟.

المثال الخامس: شركة إعمار العقارية.

شركة تطوير عقاري تأسست في عام 1997 مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة. وتدير الشركة عملياتها في العديد من الأسواق العالمية وتقدم باقة متكاملة من الخدمات التطويرية والإدارية. تعمل في ستة قطاعات وتدير أعمالها من خلال 60 شركة.

تعمل شركة إعمار في عدة قطاعات مثل العقارات والتأجير والضيافة، قطاع العقارات في الإمارات المسؤول عن تطوير وبيع الوحدات السكنية والفلل والوحدات التجارية وقطع الأراضي، بالإضافة إلى قطاع التأجير المسؤول عن تطوير وتأجير وإدارة مراكز التسوق والتجزئة والمساحات التجارية والسكنية، أما قطاع الضيافة الذي يطور ويمتلك الفنادق والشقق الفندقية والأنشطة الترفيهية ويديرها.

قامت شركة إعمار بمشاريع عملاقة مثل برج خليفة ودبي مول، في مصر عام 2002 أنهت شركة إعمار-مصر  إعادة تطوير مكتبة الإسكندرية وفي 2015 وقعت عقد بناء العاصمة الإدارية الجديدة.

في السعودية طورت شركة إعمار مدينة الملك عبد الله الاقتصادية كما عملت على تطوير الميناء التابع لها، في حين قامت إعمار تركيا بعدة مشاريع مثل توسكان فالي الذي يشتمل على مجموعة من الفلل الفاخرة والمساحات التجارية، ومشروع  مشروع إعمار سكوير الذي يتضمن أكبر مركز تجاري في تركيا.

اقرأ أيضًا: الاقتصاد الدائري | من المهد إلى المهد.

على الرغم مما تتمتع به الشركات القابضة من أهمية في العديد من القطاعات إلا أنها دائما ما يحيط بها المخاوف من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فهي تعمل على تعميق الفجوة بين طبقات المجتمع لأنها تزيد من قوة أصحاب رؤوس الأموال الضخمة. من ناحية أخرى تستغل الشركات القابضة نفوذها في التأثير على القرارات السياسة، عدا عن ما تمارسه من احتكار في بعض القطاعات.

لذلك كثيرًا ما نرى دعوات للحد من سيطرة الشركات القابضة، مع محاولة ما تحققه من آثار إيجابية في الجانب الاقتصادي.

كانت هذه رحلة سريعة حول الشركات القابضة، يمكنك عزيزي القارئ طرح الأسئلة حول الموضوع، بالإضافة لاقتراح مواضيع جديدة.