هل ينتهي راتبك مع آخر الشهر أو حتى قبل نهايته؟ هل تذكر آخر مرة احتجت فيها للمال ولم يكن لديك ما يكفي منه!؟ هل تذكر اتصالك على أقاربك وزملائك للاقتراض منهم؟ أو هل تمر حالياً بواحده من هذه الأزمات؟

صديقي القارئ في رحلتنا هذه سنشير إلى إضاءات حول الادخار المالي وكيف يمكن أن يتحول إلى نمط حياة .

ما هو مفهوم الادخار المالي

هو اقتطاع جزء من الدخل، وتحويل التصرف فيه للمستقبل. سواء كان الاقتطاع من الدخل نسبة محددة أم مبلغ مقطوع ثابت. حيث يحول جزء من الدخل من الاستهلاك في الوقت الحالي إلى الاستهلاك أو الاستثمار في المستقبل.

وقد يكون الادخار اجباري أو اختياري، ويكون الادخار إجباري مثل المساهمات التي يتم اقتطاعها من المرتب الشهري قبل قبضه ويذهب لصندوق التقاعد، أو اقتطاع الادخار الذي تفرضه بعض الشركات للإسكان.

ويكون الادخار اختياري في حالات ادخار الأفراد لتحقيق أهداف محددة مثل شراء سلعة أو قضاء إجازة صيفية.

عادة الادخار أداة للتعليم في حد ذاتها، لأنها تعزز كل الفضائل، وتعلم إنكار الذات، وتنمي الشعور بالنظام، وتدرب على امتلاك بعد النظر، وتوسيع مدارك العقل.

العالم الأمريكي “تي تي مونجر”

أهمية الادخار المالي

  • تحقيق الأهداف والغايات

يعد أسهل وأفضل الطرق لتحقيق الأهداف الشخصية هي الادخار، فلو أنك أردت شراء كمبيوتر محمول فأمامك خيارين، الأول أن تدخر من أموالك الشخصية إلى أن تصل إلى المبلغ الذي يغطي شراء الكمبيوتر المحمول، والخيار الآخر أن تقترض ثمنه ثم تبدأ بتسديد ثمن الكمبيوتر المحمول. وهنا لابد من التنبيه إلى الآثار النفسية السلبية للقرض، وأنه سوف يأخذ جزء من تفكيرك والشعور بأنك تدفع جزء من دخلك لشيئ أنت قمت بتملكه بعد أن ذهب الحماس له، وتذكر أي قرض عليك سيؤخر قيامك بأي استثمار.

  • استغلال الفرص

  فرص الحياة كبضائع السوق

الصفقات المميزة التي تأتي لمرة واحدة، مثل عقار بسعر مغرٍ جداً، أو سيارة بسعر جيد، كم مرّة أصابتك الحسرة في صفقة مثل هذه بعد أن حاولت الاقتراض ولم تجد من يقرضك، وقلت لنفسك : لو أنّي ادخرت المال. ادخار المال سيساعدك على استغلال الفرص بشكل أفضل، دون الحاجة للاقتراض ودون أن تفوت الفرص.

اقرأ أيضاً: أشهر 6 أخطاء مالية نقع بها

  • مضاعفة الدخل

الادخار يزيد الدخل من ناحيتين، أنه في أثناء الادخار يفضل أن يكون المبلغ المدخر في حساب استثماري لدى بنك إسلامي، ومن ناحية أخرى بعد عدة سنوات عندما تأتي الفرصة الجيدة ستمثل هذه المدخرات رأس مال مشروعك المستقبلي.

  • الاستقرار المالي

الادخار يعمل على بناء شخصية الفرد المستقر مالياً، حيث ترسخ فيه معاني الإنضباط والتخطيط المالي، من خلال الادخار المنتظم وتقسيم أولوياته ونفقاته، وهذا له آثار كبيرة على استقرار الأحوال الشخصية للأفراد والأسر على حد سواء.

اقرأ أيضاً: كيف تحدد قيمة الأشياء ؟

كيف تبدأ بالادخار المالي

أولا: حدد مقدار معين للادخار

حدد مقدار معين للادخار سواء كان هذا المبلغ كمبلغ مقطوع من الدخل، كأن تدّخر عشرون ديناراً في كل شهر، أو نسبة محددة كأن تدخر نسبة 5% من دخلك. لا تفكر في خلق الحجج لتفادي الادخار، أن فكرة البدء بالادخار مهمة جداً مهما كان المبلغ صغير جداً، مع الوقت ستشعر بالفرق.

ثانياً: حدد الدخل المتاح للاستهلاك

حدد مقدار محدد من الدخل لتوجيهيه للاستهلاك، واكتب خطة محكمة للإنفاق، يجب أن تراعي في هذه الخطة أن تلتزم بالأولويات فالضروريات أولاً ثم الحاجيات ثم الكماليات، من غير المقبول أن يكون الجزء المخصص للملابس أكبر من الجزء المخصص للغذاء كل شهر، من المهم جداً جداً أن تلتزم بالمقدار المتاح للاستهلاك دون الرجوع للأموال المخصصة للادخار.

اقرأ ايضاً: 10 نصائح تضمن لك تسوقاً ناجحاً

ثالثاً: ادفع لنفسك أولاً

لابد أن يكون الجزء المخصص للإنفاق أول ما يقتطع من الدخل الشهري، يمكن تطبيق ذلك بطريقة بسيطة وهي أن تقوم بتخصيص إقتطاع آلي إلى حساب التوفير يقوم به البنك بمجرد حلول موعد الراتب. صدقني مع المدة لن تشعر بأن هذا الجزء من الدخل غير موجود، ستتكيف تلقائياً بالدخل المتاح لديك.

رابعاً: القضاء على الديون

إذا كنت تحاول ادخار المال فلابد أن تبدأ بالديون، فمن غير المنطقي أن تبدأ بالادخار وأنت مدين للآخرين بالمال، ستقوم بكتابة جميع الديون التي عليك خصص جزء من المال المراد ادخاره ووجهه لسداد الدين، بعد مدة عندما يتحرر من الدين ستراه وكأنه فائض عن حاجتك، ثم ستوجه الأموال إلى الديون الأصغر وعند الإنتهاء منها ستقوم بتحويل ما اعتدت أن تدفعه لسداد الديون الأصغر على أكبر الديون، ستكرر هذه الآلية إلى أن يتم الوفاء بجميع ديونك!، وقد كنّا قد أشرنا في مقال أساسيات الوعي المالي إلى كيفية سداد الديون. 

خامساً: حدد أهداف للادخار

لتعويد نفسك على الادخار، من الممكن أن تحدد أهداف مرحلية للادخار، كأن تشتري كمبيوتر محمول لعملك، أو أن تسافر في إجارة، هذا السلوك سوف يعمل على تعويدك على استثناء جزء من الدخل وتوجيهيه للمستقبل.

اقرأ أيضاً: هلع التسوق في الأزمات – كيف يدفعنا الخوف إلى تخزين السلع؟

سادساً: اضبط انفاقك

لابد من الوعي بالكم الذي تنفقه من الأموال، والكيفية التي تنفق فيها، فلابد صديقي القارئ أن تكون على علم بالمكان الذي تنفق فيه الأموال، هذه العملية “تتبع الإنفاق” ستساعدك على التحكم بالإنفاق، بمجرد القيام بهذه العملية سينخفض الإنفاق لديك.

سنحتاج هذه الخطوة للتميز بين النفقات الضرورية والكمالية، ومعرفة أكثر القطاعات التي تستهلك الجزء الأكبر من النفقات.

ويجب التنبيه أن الإنفاق على الأمور التي تحبها لا يعني أن هذا الإنفاق صحيح، فقد يشكل أكبر جزء من ميزانية الاستهلاك هو الإنفاق على أمور تحبها، نحن هنا نعمل على بناء عادة الادخار طويل الأمد، الذي يحفز فيك الوعي المالي والإدارة المالية، فلابد أن تضبط الإنفاق حتى على الأمور التي تفضلها.

سابعاً: الادخار للطوارئ

الجزء المخصص للادخار والتوفير من الدخل يجب أن تنسى وجوده تقريباً، هذا المبلغ غير متاح للتصرف  في الوقت الحالي حتى للطوارئ هو للاستثمار المستقلبي تحديداً، لذلك لابد من تخصيص جزء ولو بسيط من الدخل للحالات الطارئة مثل المرض أو ترميم للبيت غير مخطط له.

اقرأ أيضاً: 5 معلومات أساسية عن صندوق الادخار للطوارئ

ثامناً: تنبه لطريقة صرف الدخل غير المنتظم

في حال الحصول على زيادة في الدخل كمكآفأة عمل إضافي، أو زيادة سنوية أو حوافز أو الحصول على عمولة صفقة، جميع هذه الموارد غير مخطط لها بالتالي يجب أن لا تذهب للإنفاق على الكماليات أو الترفيه، كن ذكياً ووجها نحو الادخار، تذكر أنها لم تكن بالحسبان ستشعر بسعادة أكبر عند تحقيقك لهدفك الذي تريد.

انتبه من الخداع الاستهلاكي

أنت وأنا كمستهلكين مستهدفين من كل شركات الطعام والملابس والاتصالات وغيرها من الشركات، حيث تسعى جميعها إلى الإستيلاء على أكبر جزء من دخلك، لذلك لابد أن تكون واعٍ لخططهم حتى تكسب هذه الحرب. تعال لنتعرف على بعض هذه خططهم لإيقاعنا في الفخ:

  • انتبه لنظام المكافآت الذي تتبعه المحلات التجارية، يمكن أن تكون المشاركة في برنامج المكافآت طريقة جيدة يمكن أن تستفيد منها لزيادة حجم الأموال التي توفرها. لكن يجب أن تكون يقظاً كي لا تتحول من توفير المال إلى الإنفاق لكسب النقاط، حيث يتم تنظيم البرامج في الغالب بحيث تكسب المال عن طريق الإنفاق عوضاً عن الادخار.
  • إلغاء الاشتراك بصفحات المتاجر الإلكترونية، ستجد وأنت في منصات التواصل الاجتماعي كمية هائلة من الإعلانات التي تحفزك على الشراء، تذكر كم مرة أخذت لقطة شاشة للمنتجات أعجبتك، وكم مرة ذهبت للمتجر لشرائها تحديداً، تأكد لو أن هذه السلعة مهمة ستتذكرها دون الحاجة لتذكريك فيها .

حتى تحمي نفسك من هذا الفخ ألغِ إعجابك بهذه الصفحات أو على الأقل قلل عدد هذه الصفحات إلى أقل حد ممكن، ستلاحظ إنخفاض رغبتك في الشراء عن الأيام السابقة أعدك بذلك.

  • هل هاتفك ملئ بتطبيقات المتاجر الإلكترونية؟ إذا كان جوابك “نعم” فأنت قد وضعت اللص في بيتك كما يقولون، إذا رغبت عزيزي القارئ أن تخفض الإنفاق الاستهلاكي غير المخطط له، لابد من حذف هذه التطبيقات من هاتفك، هناك حيلة بسيطة للاستفادة من هذه المتاجر في نفس الوقت لا نكون فريسة سهله لها، فقط عندما تكون قد قررت شراء ملابس مثلاً يمكنك أن تحمل المتجر وتستفيد من العروض ثم تقوم بحذفه نهائياً.

اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن تكلفة الفرصة البديلة؟

صديقي الادخار ليس سلوك يوم أو يومين، بل هو أسلوب للحياة،  تذكر أن المعادلة بسيطة أنفق أقل ستوفر أكثر

كيف أبدأ بالادخار الشخصي ؟
كيف اتخلص من الديون ؟
ما الفائدة من تتبع النفقات ؟