لا يمكن التنبؤ بظروف الحياة ولا ضمان لاستقرارها، فقد نمر في ظروف حياتية صعبة بشكل مفاجئ، قد تحتاج للمال ولا تجد أمامك إلا الاقتراض، تتمثل المشكلة في اللجوء للديون أنه من السهل الدخول فيها، لكن الخروج من الديون ليس بنفس السهولة.

حتى تتمكن من الخروج من الديون ستحتاج إلى خطة واضحة أمامك، محدد بخطوات وجدول زمني كي تتمكن من إتمام رحلة الخروج من الديون، مع ذلك لا يمكن أن نغفل أهمية وجود دافع قوي يحفزك باستمرار على الثبات والاستمرار في هذه الرحلة العظيمة.

في هذا المقال سنتناول بعض المكاسب التي ستجنيها بسبب الخروج من الديون. 

اقرأ أيضًا: إدارة الديون | كيف اتجنب الوقوع في فخ الديون ؟

أولًا: الخروج من الديون يقلل نفقاتك الشهرية.

في الغالب كل منّا لديه دخل شهري منتظم نسبيًا، لكن إذا كانت لديك ديون متعددة فمن المرجح أن تأخذ جزءًا كبيرًا من دخلك الشهري، مما يعني أن الدخل المتاح للإنفاق سيكون أقل وهذا يدخلك في أزمات ومشاكل مالية. فكلما زاد عدد المقرضين لك زادت المدفوعات التي ستدفعها في كل شهر.

هذا لا ينفي إمكانية توفير المال من أماكن أخرى مثل التوفير في النفقات الكمالية كالطعام خارج البيت، والاشتراكات غير الضرورية، لكن على الرغم من ذلك ستبقى نفقاتك الشهرية بسبب الديون مرتفعة.

إلا أن الخروج من الديون سيمنحك الفرصة الكافية لتقليل النفقات بشكل كبير ويمنحك المزيد من النقود، بالإضافة إلى ذلك لن تضطر إلى دفع الفوائد الربوية المرتفعة كل شهر، بمجرد أن تتحرر من الديون لن يكون لديك إلا القليل من النفقات الشهرية وهذا سيمكنك  من البدء بإنشاء صندوق ادخار للطوارئ، الذي سيحميك من الوقوع في الديون مجددًا.

ثانيًا: دفع فائدة عالية يجعل من الصعب إدارة النفقات العادية.

مع قيام البنك الفيدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة، وقيام البنوك المركزية في كثير من البلدان برفع الفائدة كذلك، ستتضاعف أعباء الفائدة الشهرية، فإن كنت تسدد الحد الأدنى من مدفوعات الديون، ستتفاجئ بعد مدة أنّ معظم المبلغ المدفوع للبنك يؤخذ كفوائد شهرية مقابل جزء بسيط يسدد من أصل الدين،  ستشعر وكأنك تحرق أموالك، وأنّك ستبقى  في حفرة الديون للأبد!

الخروج من الديون سيوفر عليك الأموال التي تدفعها كفائدة، كلما أسرعت في إنهاء ديونك سيقل المبلغ الإجمالي الذي تدفعه، الطريقة الأفضل كي تتخلص من الفوائد المرتفعة التي تدفعها أن تبدأ بتنفيذ خطة الخروج من الديون.

اقرأ أيضًا: أشهر 6 أخطاء مالية نقع بها.

ثالثًا: تقليل الشعور بالذنب.

تراكم الديون يجعلك في تردد دائم حول ما تنفقه من أموال ويرافقك الشعور بالذنب بسبب ذلك، ستجري الحوارات مع نفسك مرارًا حول عمليات الشراء التي قمت بها، أو الأنشطة الترفيهية التي تقوم بها، ستلوم نفسك دائما لأن الواجب أن توفر هذا المال لسداد الديون!

الشعور بالذنب لن يفارقك في كل الأوقات، ستكون محروم من السعادة الحقيقية والبسيطة،لكن الخروج من الديون سيمنحك الرضا عن نفسك وعن سلوكك المالي، ستنفق المال على ما تحب دون الشعور بالذنب وتأنيب الضمير.

رابعًا: تقليل التوتر والقلق.

الضغط المالي المستمر يؤثر بشكل سلبي على صحتك الجسدية والعقلية، يقول الأستاذ المساعد في الطب النفسي الدكتور جيل سالتز: “يترجم الضغط المالي المستمر إلى إجهاد مزمن يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب والقلق وارتفاع ضغط الدم وآلام الظهر وقرحة المعدة وما إلى ذلك”

إذا كنت قلقًا بشكل دائم حول كيفية سداد دفعاتك الشهرية أو قدرتك على سداد ديونك عمومًا، فإن ذلك سيؤثر على جودة حياتك ككل، وقد يؤدي بك القلق والتوتر للإصابة بأمراض جسدية تعرضك للمزيد من خسارة المال.

تصنف الديون كأحد أكثر أحداث الحياة المسببة للتوتر، يصنف “الوقوع في الديون بما يتجاوز القدرة على الدفع” أحد الأحداث التي تسبب الإجهاد النفسي الإجتماعي، وفقًا لجرد  أحداث الحياة لعام 2009 الذي تقوم به جمعية الطب المهني، الذي يصنف 100 حدث يسبب الإجهاد النفسي الإجتماعي، حيث بلغ عند الرجال 82\100 في حين بلغ عند النساء 86\100.

ولابد من التذكير بأن الإجهاد يعتبر أحد العوامل التي تتعلق بأمراض القلب، والأوعية الدموية، والحساسية، والسكري، بالإضافة إلى اضطرابات الجهاز الهضمي.

الخروج من الديون يمنحك راحة البال المالية، سيكون بإمكانك الاستمتاع بالحياة كما تحب بهدوء بدون قلق أو توتر، لأن عدم الاستقرار المالي يعيقك عن كل شيء في الحياة.

اقرأ أيضًا: 16 خطوة لبناء الوعي المالي.

خامسًا: زيادة الثقة بالنفس.

تؤدي الديون إلى إضعاف ثقة الإنسان بنفسه يصل الأمر إلى الشعور بوصمة عار بسببه، لذلك نميل غالبًا إلى إخفاء ما لدينا من ديون عن المحيطين بنا، في ذات الوقت نحاول أن نخفي ديوننا ونظهر بأننا نعيش حياة جميلة مستقرة!

بمجرد الخروج من الديون سيحدث تحول سريع في ثقتك واحترامك لنفسك، ستكون فخور بالنجاح الذي حققته، حتى أن البعض يشاركون قصة خروجهم من الديون مع من حولهم، ستكون فخور بنفسك.

سادسًا: الخروج من الديون يتيح لك امتلاك الأصول.

تقلل الديون من الأموال التي تمتلكها في الوقت الحاضر، ذلك لأن جزءًا من دخلك في كل شهر يذهب للسداد، مما يعني أن الدخل المتاح لنفقاتك الشهرية أقل مما يقلل من مستواك المعيشي.

بقاءك في الديون يعني أن تفكيرك سينصب في الغالب على اللحظة الحالية، لن تكون قادر على تحسين دخلك المستقبلي لأن دخلك الحالي مشغول بديون سابقة! بدون تحقيق الحرية المالية لن تتمكن من التفكير في مستقبلك المالي.

الخروج من الديون يعني أن تكون مسيطر على كامل دخلك، يتيح الخروج من الديون إمكانية تحديد الأهداف المالية والسعي لتحقيقها، ستتمكن من الاستثمار وتطوير دخلك المستقبلي، مثل شراء الأسهم أو شراء بيت بهدف الاستثمار، أو حتى الدخول في مشاريع.

اقرأ أيضًا: 6 خطوات لبناء صندوق مدخرات الطوارئ من الصفر.

سابعًا: مخاطر حياتية أقل.

أسوأ الأمور التي يسببها الديون أنه يجعلك قريب من الكوارث دائما، معنى أن تكون مدين أنك تنفق من الدخل الحالي على قرارات إنفاق كانت في الماضي. إذا كنت مدينًا بالفعل ولم يكن لديك مدخرات للطوارئ تعتمد عليها، فإنك ستكون عرضة للدخول في ديون جديدة.

ظروف الحياة متقلبة ولا يمكن التنبؤ بها، فقد تتعرض لفقدان الوظيفة أو أزمة صحية كبيرة، أو إصلاحات مفاجئة في البيت، كل هذا يدفعك للدخول في الديون في كل مرة، إذا كنت مشغول بسداد الديون الحالية، كيف ستتعامل مع الظروف  الطارئة، من ناحية  أخرى لن تتمكن من الاستمرار في سداد ديونك الحالية!

الخروج من الديون يتيح لميزانيتك أن تتنفس، أن يكون دخلك خاليًا من الديون، يعني قدرتك على بناء صندوق ادخار للطوارئ يحميك من الظروف الطارئة، لن تكون قلق من ظهور حدث يدمر حياتك المالية.

ثامنًا: الخروج من الديون يمنحك درجة ائتمانية أفضل.

أن تتحمل الكثير من الديون يهدد تصنيفك الائتماني، في حال اقتربت بطاقات الائتمان والقروض من الحد الأقصى سيؤدي إلى انخفاض درجتك الائتمانية. انخفاض الدرجة الائتمانية سيؤدي بك لتحمل معدلات فائدة مرتفعة، وهذا يعني أن الخروج من الديون سيكون أصعب.

السلامة من الديون ستحسن درجتك الائتمانية، وهذا سيمنحك أسعار فائدة أفضل على القروض المستقبلية، و أقساط تأمين أقل.

مع التذكير يا صديقي بأن القروض الربوية محرمة شرعًا، عدا عن الآثار الاقتصادية السلبية للربا التي تتعدى الفرد لتلحق بالمجتمع ككل.

تاسعًا: زيادة الإنتاجية.

أن تكون واقعًا في الديون يجعل منك مشتت الذهن وغير قادر على التركيز بسبب المخاوف المالية، بعد الخروج من الديون ستكون لديك مساحة ذهنية أكبر وقدرة أكبر على التركيز في مهامك الحياتية، هذا يمنحك قدرة أكبر على التحكم في النفس واتخاذ القرارت الأنفع لك مما ينعكس إيجابيًا على حياتك الاجتماعية والعملية.

اقرأ أيضًا: الفرق بين الادخار والاستثمار | طريق الثروة.

الخروج من الديون يمنحك العديد الفوائد المادية والمعنوية، تخيل نفسك بعد الخروج من الديون، تخيل تحقيقك لأهدافك المالية، لا تؤجل قرار الخروج من الديون، مهما كانت ظروفك فهذه اللحظة هي الأنسب لبدء خطة الخروج من الديون.

تذكر أن يكون هدفك الأول والأهم أن تصل لمرحلة السلامة من الديون، صحيح أن الخروج من الديون لن يكون بالأمر الممتع والسهل، إلا أنك لن تستشعر الفوائد العظيمة للسلامة من الدين إلا بعد الإنتهاء منه، ستتذكر رحلة خروجك من الديون وتكون فخور بنفسك.