دائما ما ارتبطت تراكم الديون بحالة التوتر والقلق بالرغم من ذلك قد نلجأ للاقتراض ثم لا نكف عن تبرير ذلك لأنفسنا، وهنا تظهر أهمية تعلم أساسيات إدارة الديون.
جميعنا متفقون على أهمية تجنب الوقوع في الديون وما له من تأثير إيجابي على الوضع الاجتماعي والنفسي، وضع خطة مالية جيدة وزيادة الوعي فيما يخص إدارة الديون، والابتعاد عن القرارات الحمقاء والمتسارعة التي تسعدنا في المدى القصير إلا أنها تدمر استقرارنا المالي في المدى الطويل.
اقرأ أيضًا: ما هو الهدف من الوعي المالي؟
ماهية إدارة الديون ؟
قبل الحديث عن إدارة الديون لابد من تعريف الدَين نفسه، فالديون هي التزام مالي مستحق لشخص أو هيئة يجب سداده في موعد محدد.
ومن التعريفات الفريدة للديزم أنها إنفاق دخل المستقبل في الوقت الحاضر، وفي هذا التعريف يظهر أن الديون هي عكس الادخار الذي يعتبر تأجير الإشباع من الوقت الحاضر إلى المستقبل.
يقصد بإدارة الديون الشخصية بأنها وضع خطة لخفض تكلفة الدين وتحديد طرق الوفاء به خلال مدى زمني محدد.
بعض أنواع الديون ديون الاقارب والاصدقاء، الديون للبنوك ومؤسسات الإقراض الفردية وقروض بطاقات الائتمان، بالإضافة لقرض السيارة وقروض الشراء بالتقسيط.
قد نضطر للديون في مرحلة من حياتنا، إلا أنها يجب أن لا تكون هي الوضع السائد، كما يجب أن تكون بنسب تتناسب مع الدخل الشهري.
قد نضطر إلى اللجوء للديون في مرحلة ما من حياتنا، إلا أننا لابد أن نميز بين الدين الجيد والدين السيئ، ففي بعض الحالات قد يساعدنا الدين في تحسين وضعنا المالي، ويمكن تصنيفها إلى ديون مدّرة للدخل وديون غير مدّرة للدخل.
الاقتراض لشراء الأصول يعتبر الاقتراض لشراء الأصول ديون جيدة لأنها ستولد تيار دخل مستقبلي، وهنا لابد من التأكيد على أن هذه الديون وإن كان لها أثر إيجابي لابد أن تكون مدروسة وبشروط محددة.
في حين هناك ديون غير جيدة وهي عمومًا الديون التي ترتبط بالاستهلاك عمومًا، مثل الاقتراض للسفر في إجازة، أو شراء ملابس، أو تحديث الهاتف أو حتى شراء أثاث للمنزل.
اقرأ أيضًا: أشهر 6 أخطاء مالية نقع بها.
وهنا لابد من التأكيد على قاعدة مهمة في إدارة الديون وهي أن تشتري أي شيء استهلاكي إن كنت لا تمتلك ثمنه نقدًا، وهذا سيمنحك فائدتين:
- سيمنحك المزيد من الوقت للتفكير في مدى حاجتك للسلعة، ويحميك من قرارات الشراء اللحظية والإنفاق الترفي.
- شراء ما تحتاجه حقيقة، لأن الحماس سيقل وتشتري ما تحتاجه فقط.
قد تتساءل ما هو مقدار الدين الذي يمكنني تحمله؟، يشير بعض المستشارون الماليون فيما يتعلق بإدارة الديون أن الديون يجب أن لا تتعدى 20% من الدخل السنوي، يستثنى من هذه النسبة ديون الرهن العقاري. يمكنك معرفة ما إذا كانت ديونك تتعدى 20% من خلال جمع مدفوعات الديون الشهرية ثم اضرب في 12 الرقم الناتج يمثل إجمالي مدفوعات الديون لسنة.
بعد ذلك احسب مصادر الدخل الشهرية ثم اضرب في 12 ثم اضرب الرقم الناتج في 0.2، إذا كان الرقم الناتج أكبر من إجمالي مدفوعات الديون السنوية فأنت لم تتجاوز جد 20%، وهو حد الديون الذي يمكنك تحمله.
اقرأ أيضًا: 16 خطوة لبناء الوعي المالي.
ما هو فخ الوقوع في الديون؟
في الآونة الأخيرة تكرر على مسامعنا رفع الفوائد البنكية نتيجة لرفع البنك الفيدرالي سعر الفائدة، ونتج عن ذلك تأثير على الأشخاص المتورطين في قروض طويلة الأجل، تأثير سعر الفائدة عليهم ظهر من خلال زيادة القسط الشهري مع كل مرة يرفع فيها الفيدرالي سعر الفائدة.
عدا عن قصص المختلفة حول أشخاص اقترضوا من البنك بفائدة ربوية ثم بدأو بتسديد القسط الشهري لسنة أو سنتين قم تفاجؤا بأنهم سددو الفوائد وجزء صغير من أصل المبلغ!
لا يختلف اثنان على أخذ قرض ربوي من البنك أمر سهل نسبيًا، إلا أن الخروج من الدين أمر يحتاج إلى خطة والتزام خاصة مع الأحداث الاقتصادية التي يعيشها العالم.
لكن كيف نقع في فخ الديون؟، يقصد بفخ الديون حالة تتجاوز التزامات الديون قدرة الفرد على الالتزام بسدادها، فيضطر العميل لأخذ قرض كي يسدد القرض الاول. ويمكن اختصاره بأنه سداد القروض القديمة باستخدام قروض جديدة.
اقرأ أيضًا: كيف يدفعنا الخوف إلى تخزين السلع؟
يحدث الوقوع في الديون غالبًا لأسباب مختلفة:
- أن تكون تكلفة القرض مرتفعة بحيث لا يكفي دخل الفرد لتغطيتها مع الوقت، لذلك إذا كان دخل الفرد مرتفعًا قد لا يقع بفخ الديون لهذا السبب.
- أن لا يلتزم المقترض بدفع القسط المحدد شهريًا، بالتالي تستمر الفائدة على المبلغ بالزيادة بالإضافة إلى غرامات التأخير مما يؤدي إلى زيادة الدين الإجمالي.
- أن يأخذ الفرد قرض يتناسب مع دخله الشهري ثم يفقد وظيفته ويفقد معها قدرته على السداد في المواعيد المحددة.
لابد أن يكون تجنب الوقوع في الديون أولوية مالية مهمة عند أي شخص يسعى للحرية المالية، فلابد من الالتزام بإدارة الديون لتجنب الوقوع في مجموعة من المشاكل المالية والنفسية والاجتماعية.
اقرأ أيضًا: 10 نصائح تضمن لك تسوقاً ناجحاً.
ما هي الديون القهرية ؟
يقصد بالديون القهرية حالة لا يستطيع فيها الأفراد بالتحكم في ديونهم، وينتج عنها ديون جديدة ومشاكل مستمرة في حياتهم.
ذكر موقع Debtors Anonymous بعض العلامات التي تظهر أن الديون أصبحت ضحية للمديونية القهرية:
- عدم وضوح الوضع المالي: يظهر ذلك من خلال عدم معرفة أرصدة حساباتك أو مصاريفك الشهرية أو معدلات فائدة قرضك أو الرسوم أو الغرامات أو الالتزامات التعاقدية التي عليك.
- الاستعارة بكثرة للأشياء مثل الكتب والملابس واقتراض مبالغ مالية صغيرة من الأصدقاء أو الاقارب وعدم إعادتها.
- عادات الادخار السيئة والعيش بإتباع مقولة اصرف مافي الجيب يأتيك ما في الغيب!، يظهر ذلك من خلال عدم التخطيط للالتزامات المالية مثل الضرائب أو التقاعد وغير ذلك من العناصر غير المتكررة لكن التي يمكن التنبؤ بها، ثم التعامل معها عند في لحظة استحقاقها، البعض قد يلجأ للقروض لتغطيتها.
- التسوق القهري، يظهر ذلك من خلال القيام بعمليات تسوق عاطفي واتخاذ قرارات شراء لحظية، وعدم مقاومة التنزيلات، وعدم استخدام المنتجات التي اشتريتها.
- صعوبة في الوفاء بالالتزامات المالية أو الشخصية الأساسية وعدم القدرة على دفع الفواتير، و الشعور بالإنجاز عند الوفاء بها.
- شعور مختلف عند شراء الأشياء بالدين منه عند الدفع نقدًا ، وكأنك حصلت على السلعة بالمجان عند الشراء بالدين.
- العيش في حالة من الفوضى المالية يظهر ذلك من خلال استخدام بطاقة ائتمان لدفع بطاقة أخرى. ووجود أزمة دائمة في التعامل مع الشيكات المرتجعة.
- العيش في حالة كفاف من الراتب إلى الراتب؛ والمخاطرة بأمور أساسية مثل عدم الحصول على تأمين صحي وعدم التأمين على السيارة؛ وفي حالات متطرفة كتابة الشيكات على أمل أن تظهر الأموال لتغطيتها.
- الشعور بالإحراج والإحباط عند الدخول في مناقشة عادية حول المال.
- العمل لساعات إضافية للدفع للدائنين والحصول على دخل إضافي منخفض، بالإضافة إلى استخدام الوقت بشكل غير فعال من خلال أخذ وظائف أقل من مستوى المهارات والتعليم الخاص بك.
- العيش في حرمان دائم وإنكار احتياجاتك الأساسية من أجل الدفع للدائنين.
- الشعور أو الأمل في أن هناك شخص ما سيساعدك عند الوقوع في أزمة مالية.
إذا كنت تعاني من كل أو بعض النقاط التي أوردناها فيما سبق لابد أن تبدأ في إعداد خطة إدارة الديون الخاصة بك والالتزام بها.
اقرأ أيضًا: الإدارة المالية الشخصية.
استراتيجيات لتجنب الوقوع في الديون !
من أكثر الحكم التي تعودنا سماعها هي أن الوقاية خير من قنطار علاج وهي حقيقة لا شك فيها، لذلك لابد عند الحديث عن إدارة الديون أن نعرض الاستراتيجيات أو الطرق التي تبقينا خارج الديون:
- التمييز بين الحاجات والرغبات.
يعتبر من أهم ما يبقيك خارج الديون هو التمييز بين الرغبات والحاجات، نحن في عصر الإشباع الفوري وتطبيقات التوصيل التي تعمل معظم اليوم، ولم يعش البشر حالة من الاستهداف التسويقي كما نعيشه اليوم.
لذا لابد من التأكيد على أن نميز الرغبات من احتياجاتنا الأساسية، فعلى سبيل المثال الاحتياجات الأساسية هي الطعام والماء والمأوى والصحة.
وبما أننا نعيش حالة من الوفرة بدرجة لم نعد نميز بينهما يمكن تعميم قاعدة أن كل ما لا تشعر بعدم وجوده يعتبر رغبات وليس حاجات.
- إنشاء صندوق ادخار للطوارئ.
يعتبر إنشاء صندوق الادخار للطوارئ من أساسيات الوقاية من الوقوع في الديون، أحد أبرز الأسباب التي توقعنا في فخ الديون الحالات الاضطرارية غير المخطط لها، مثل فقدان الوظيفة، اضطرار لإصلاح السيارة، إصلاحات في البيت، حالة صحية غير مشمولة بالتأمين الصحي وغير ذلك من الحالات المفاجئة.
يوصي المستشارون المالية في الادخار في حساب مخصص للحالات الطارئة غير المخطط لها لضمان عدم الحاجة للاقتراض، يجب أن يغطي الصندوق النفقات الضرورية من ثلاثة إلى ستة أشهر، مع تأكيد عدم استخدام هذه الأموال إلا في الحالات غير المخطط لها.
اقرأ أيضًا: 6 خطوات لبناء صندوق مدخرات الطوارئ من الصفر.
- توحيد القروض أو دمج الالتزامات.
وجود أكثر من قرض بأسعار فائدة مختلفة يصعب عملية إدارة الديون، مما يجعلك أكثر عرضة للتأخير لاختلاف تواريخ السداد بالتالي المزيد من غرامات التأخير.
يمكن تبسيط إدارة الديون من خلال الحصول على قرض شخصي ودمج جميع التزامات الديون بالتالي تسهيل الالتزام على المقترض ومساعدته في الخروج من فخ الديون. بالرغم من أنه قد تطول فترة السداد نسبيًا إلا أنها ستبقى أفضل فيما يخص إدارة الديون الشخصية، وتسهل تذكر تواريخ الالتزامات الشهرية.
- تتبع الإنفاق.
يعتبر تتبع الإنفاق أحد أساسيات الإدارة المالية وإدارة الديون، يمنحك تتبع الإنفاق ميزة معرفة حركة الأموال لديك واكتشاف نمطك الاستهلاكي. ستعرف ما هي البنود التي تستهلك الأموال.
بالتالي يمكنك معرفة الإنفاق غير المرغوب به التقليل منه أو عدم شرائه مستقبلًا والتركيز بشكل أكبر على الأساسيات.
اقرأ أيضًا: التخطيط المالي الشخصي : كيف نُعظم منافع النقود ؟
- انشئ ميزانية شهرية والتزم بها.
الإنفاق غير المخطط كفيل بالقضاء على الدخل حتى وإن كان مرتفعًا، حتى تبقى سالمًا من الديون لابد من الإنفاق المخطط. تمنحك الميزانية السيطرة الكاملة على الدخل وتحقيق أكبر منفعة مرجوة منه.
لابد من تقسيم الدخل لضروريات وترفيهيات وادخار، ينصح المستشارون الماليون باتباع خطة 20 | 30 | 50، أي أن تخصص 50% من الدخل للإنفاق الضروري، و30% للإنفاق الترفيهي، و20% للادخار.
وهنا لابد من التأكيد على المراجعة الدائمة للميزانية والالتزام بها، قد تواجه بعض الصعوبة في البداية لكن مع الوقت ستصبح عادة تقوم بها بكل يسر.
- ادفع ديون بطاقة الائتمان في نهاية كل شهر.
من أسوأ ما نجنيه من بطاقات الائتمان أنها تدعونا لشراء سلع لا يمكننا تحمل تكلفتها في الوقت الحاضر، كما أن شراءنا من خلال بطاقة الائتمان يمنحنا شعور مماثل لشعور الحصول عليها مجانًا.
أفضل طريقة في إدارة الديون الخاصة ببطاقة الائتمان تستخدمها على أنها بطاقة خصم، تشتري بها ما يمكنك دفع قيمته في نهاية الشهر. بهذه الحيلة البسيطة لن تدفع أي فوائد ربوية على ديون بطاقة الائتمان.
اقرأ أيضًا: الفرق بين الادخار والاستثمار | طريق الثروة.
لماذا يفشل الناس في الخروج من الديون؟
قد تكون صادق النية في الخروج من الديون بل قد تدعوا الله في كل صلاة أن يرفع عنك بلاء الديون، إلا أن محاولات الخروج من الديون قد تبوء بالفشل، وهنا يأتي السؤال الأهم لماذا يفشل الناس في إدارة الديون والخروج منها؟
- عدم الاعتراف بالأخطاء: النية للخروج من الديون وحدها لا تكفي بل لابد من الاعتراف بأن سلوكك المالي بشأن إدارة الديون خطأ، الكثير من الناس يبحثون عن حلول للخروج من الديون ويأخذون الاستشارات إلا أنهم يبقون في دائرة التبرير وتكرار الأخطاء، لا يمكن الحصول على نتائج مختلفة من نفس الأفعال، فالحل أن تفهم أخطاءك واعترف بها.
- إلقاء اللوم على الآخرين: توقف عن إلقاء اللوم على ارتفاع الاسعار والاقتصاد العالمي أو عدم تربيتك على السلوك المالي السليم، ما أنت عليه الآن هو نتاج مباشر لقراراتك المالية قراراتك أنت فقط! الحل أن تتحدث إلى نفسك بصوت مرتفع وتتحمل مسؤولية وضعك المالي أمام نفسك وأمام الاخرين.
- أنت لا تريد التضحية: إدارة الديون تتطلب تغيير في نمط الحياة والنمط الاستهلاكي، غالبًا ما ستحتاج إلى التقليل من الإنفاق الترفيهي وستتخلى عن بعض ما تحب، إلا أن هذا الوضع سيكون وضع مؤقت ويساعدك في بناء عادات مالية جديدة.
- عدم الالتزام بالميزانية: قد يرى البعض أن الميزانيات مربكة ولا يمكن الالتزام بها في الحياة اليومية، إلا أنه لا يمكن إدارة الديون والخروج منها دون أن تعرف أين تذهب أموالك!
- الاستمرار في استخدام بطاقة الائتمان: بطاقات الائتمان من أكثر أسباب الوقوع في الديون، لذلك الخطوة الأولى في الخروج من الديون أن تتخلى عنها لأنه لا يمكن الخروج من الديون بنفس الوسيلة التي أوقعتك في الديون.
- تريد نتائج سريعة: لايوجد مصباح سحري يحقق امنياتنا في الخروج من الديون، ولا يمكننا التعامل مع الخروج من الديون وكأننا اشتري من موقع أونلاين، الخروج من الديون يحتاج إلى خطة والالتزام بها والصبر على ذلك.
اقرأ أيضًا: 5 معلومات أساسية عن صندوق الادخار للطوارئ.
لابد أن تدرك عزيزي القارئ أن سلوكك اليومي هو ما سيؤثر على مدى نجاحك في خطة إدارة الديون الخاصة بك، وتذكر أن التغيير الإيجابي مهما كان صغيرًا سيحسن من مستقبلك المالي، كما الخروج من الديون هو بداية رحلة الوصول للحرية المالية.