تعد المحفظة الاستثمارية من المفاهيم الأساسية التي يحتاجها أي شخص يفكر في البدء في الاستثمار، يعد اتخاذ قرار إنشاء محفظة استثمارية أمرًا مجهولًا ومخيفًا للمستثمر بعض الشيء، إلا أنّ فهمك لطبيعة المحافظ الاستثمارية سيجعل هذه الرحلة أمتع وأكثر وضوحًا.

اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن صناديق الاستثمار؟

ما هي المحفظة الاستثمارية؟ 

تمثل المحفظة الاستثمارية مجموعة واسعة من الأصول المالية المتنوعة المملوكة للمستثمر، يسعى المستثمر إلى تحقيق عوائد كبيرة عن طريق مزيج من الخيارات الاستثمارية، التي تحقق له أفضل الخيارات من حيث المخاطر والأهداف المالية، مع ضمان حقوق الملكية للأصل أو حماية رأس المال من التآكل.

تقوم فكرة إنشاء المحفظة الاستثمارية على تنويع المخاطر، أي عدم وضع البيض في سلة واحدة، بحيث يتم تنويع الاستثمارات بين مختلف الأدوات المالية المتاحة في السوق، فإذا كان لديه قدرة على تحمل المخاطر يمكنه اختيار الأدوات ذات العائد المرتفع والمخاطر المرتفعة، أو يمكنه اختيار استثمارات أكثر أمنًا في حال عدم رغبته في تحمل المخاطر.

المحفظة الاستثمارية مفهوم مجازي وليست مساحة مادية، يمكن تخيل ذلك بأنها مجموعة من الأصول تحت سقف مجازي (في الانترنت أو متخيل)، يمكن للفرد إدارة محفظته الاستثمارية، كما يمكنه الإستعانة بالمستشارين الماليين المحترفين، أو الاستعانة بمستشار استثمار آلي.

مكونات المحفظة الاستثمارية

المكونات الرئيسية في المحفظة الاستثمارية:

  • الأسهم:

تشير الأسهم إلى حصة ملكية في رأس مال الشركة، حيث يتم تقسيم رأس مال الشركة إلى حصص متساوية، يكون المساهم مالك في الشركة بمقدار ما يملكه من أسهم. يحق للمساهمين الحصول على حصة من أرباح الشركة، كما يمكن تحقيق عوائد أعلى على استثمارهم من خلال بيع السهم بسعر أعلى، ويعتبر عنصر عوائد مهم في المحافظ إلا أنه عالي المخاطر.

  • السندات:

تمثل السندات أداة اقراض الأموال للحكومة أو الشركات لفترة زمنية محددة، عند الاستحقاق يحصل المستثمرون على مبلغ الاستثمار الرئيسي بالإضافة إلى الفائدة الربوية، وتعتبر السندات أقل مخاطرة نسبيًا من الأسهم.

  • خيارات استثمارية بديلة:

بالإضافة إلى الأسهم والسندات، يمكن أن تتضمن أصول قد تنمو وتتضاعف قيمتها، مثل النفط، والعقارات، والذهب وما إلى ذلك، إلا أنه لا يتم تداول الاستثمارات البديلة على نطاق واسع مثل الأسهم والسندات.

اقرأ أيضاً: لمحة سريعة عن 3 أنواع من الأوراق المالية

المزايا والعيوب لاستثمارات المحافظ الاستثمارية

مزايا الاستثمار في المحافظ الاستثمارية

  • يقلل من التأثر بتقلبات السوق.

تمتاز المحفظة الاستثمارية بالتنوع، مما يقلل المخاطر الإجمالية المرتبطة بالمحفظة، وذلك بسبب تكوين المحفظة من فئات متنوعة من الأصول المالية، بالتالي التأثير الإجمالي لتقلبات السوق يميل إلى الانخفاض.

  • الاستفادة من المزايا المختلفة للأصول المالية.

تتفاوت الأصول المالية في المخاطر التي تتحملها والعوائد التي تحققها، بالتالي يمكن للمستثمر اختيار الأصول المالية بحيث يستفيد من المزايا المختلفة.
على سبيل المثال يمكن الاستثمار في المحفظة الاستثمارية من خلال الودائع الثابتة، والتي تقدم عوائد ثابتة ومخاطر منخفضة، كما يمكنه إضافة استثمار في صناديق الاستثمار المشتركة للأسهم، التي تمتاز بأن لديها عوائد أعلى نسبيًا وفي ذات الوقت مخاطرها مرتفعة.

  • الحفاظ على رأس المال الخاص بك.

يعد الحفاظ على رأس المال المعيار الأساسي للعديد من المستثمرين. حيث تختلف رغبة المستثمرين في تحمل المخاطرة، فقد يفضل المستثمر الجديد في رحلة الاستثمار المخاطرة، في حين يفضل المستثمرون وهم على وشك التقاعد الاستثمارات الأكثر استقرارًا. تتيح المحفظة الاستثمارية استثمارات متنوعة بحيث تتيح للمستثمر تحقيق أهدافه الاستثمارية من خلال عدم التعرض لأنواع استثمار محددة.

  • إدارة المخاطر.

تتيح المحفظة الاستثمارية خيارات استثمار متنوعة تتفاعل مع الظروف الاقتصادية، بالتالي المستثمر في المحفظة الاستثمارية لن يحقق عوائد مرتفعة بشكل مفاجئ أو غير طبيعي، في حين أن المستثمر في نوع واحد من الأسهم عالي الارتفاع قد يحقق عوائد مفاجئة، لكنه يعاني من تقلبات السوق صعودًا وهبوطًا.

  • راحة البال للمستثمرين.

من أكبر المزايا التي يجنيها المستثمرون في المحافظ الاستثمارية، حالة الطمأنينة وراحة البال فيما يخص استثماراتهم، ذلك لأنهم يمتلكون مجموعة متنوعة من الأصول المالية، بالتالي لن يشعر المستثمر بالقلق فيما يخص أداء محفظته.

  • تقليل التكاليف.

عادة ما يتطلب هذا النوع من الاستثمار الحد الأدنى من الإدارة، مما يعني تقليل تكلفة معاملات الاستثمار.

اقرأ أيضًا: الفرق بين الادخار والاستثمار | طريق الثروة

عيوب الاستثمار في المحافظ الاستثمارية

  • قواعد مختلفة لأصول مختلفة.

كل أصل من الأصول المالية يعمل بشكل مختلف عن غيره، بالتالي فإن قمت بتنويع الأصول المالية دون فهم حقيقي لطبيعة الأصل المالي وطريقة عمله، فإن هذا يعني تعرضك لمخاطر استثمارية قد تؤدي إلى تعقيدات، أو الدخول في استثمارات غير مشروعة، أو تقليل في العائدات.

  • الآثار الضريبية.

كما تعمل الأصول المالية بشكل مختلف، فإن الضرائب المفروضة عليها تختلف من أصل مالي إلى آخر، بالتالي فالقيام بتنويع المحفظة الاستثمارية دون التخطيط الضريبي المناسب، يعرض  المستثمر إلى إمتثال ضريبي إضافي، أو زيادة في تكاليف الاستشارات مع مخططي الضرائب.

  • تكلفة الاستثمار.

كل أصل من الأصول المالية لها تكاليف ورسوم مختلفة عن غيرها، عند اختيار الأصول في المحفظة الاستثمارية لابد الأخذ بعين الاعتبار التكاليف والرسوم التي تترتب على كل أصل، لأن هذه الرسوم تزيد التكلفة أو تضعف من قيمة الاستثمار.

  • الحد من النمو.

على الرغم من أن التنوع في المحافظ الاستثمارية يقلل المخاطر التي يتحملها المستثمر ويحسن العائدات، إلا أن ذلك ينطوي على تضييع بعض الفرص عندما يكون أداء بعض الأصول أعلى من غيرها.

اقرأ أيضًا: 7 معلومات عليك معرفتها عن شهادات الاستثمار

أنواع المحافظ الاستثمارية

على الرغم من وجود العديد من أنواع المحافظ الاستثمارية، إلا أن المستثمر لابد أن يركز على نوع واحد في بناء المحفظة الاستثمارية الخاصة به بما يتناسب مع أهدافه المالية، وقدرته على تحمل المخاطر.

محفظة الدخل

هذه المحفظة الاستثمارية تركز على تأمين تدفق ثابت للدخل من خلال الاستثمار، بدلًا من التركيز على زيادة رأس المال المحتملة، بالتالي فإن المستثمر عند اتخاذ قرار شراء الأصل المالي يفكر في الأرباح التاريخية المتحققة، بدلًا من دراسة تاريخ ارتفاع السعر.

الأصول المالية في محفظة الدخل توفر عادةً دخلًا منتظمًا للمستثمرين، بالتالي تعتبر خيارًا مثاليًا للذين يبحثون عن عوائد مستقرة.

محفظة القيمة

يستغل هذا النوع من المحافظ الاستثمارية الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الشركات، مما يؤدي إلى تقييم أصولها تقييمات منخفضة من حيث القيمة، يسعى المستثمرون لشراء أسهم هذه الشركات ممن لديها إمكانيات للربح، ولكن تم تسعيرها بأقل من قيمتها السوقية العادلة، وعندما ينتعش السوق يحقق أصحاب محفظة القيمة أرباحًا كبيرة.

محفظة النمو

الهدف الأساسي من محفظة النمو هو تعزيز النمو من خلال تحمل مخاطر أكبر، عادة ما تقدم هذه المحفظة الاستثمارية مكافآت كبيرة وفي ذات الوقت تتحمل مخاطر أعلى. تستثمر هذه المحافظ الاستثمارية في الشركات المتنامية، والشركات الأصغر سنًا التي تمتاز بإمكانيات نمو مستقبلية أكثر من الشركات الأكبر حجمًا.

اقرأ أيضًا: تعرّف على أنواع الأسهم في الشركات المساهمة

العوامل المؤثرة على تخصيص الأصول في المحفظة الاستثمارية

يعتبر بناء المحفظة وإدارتها من المهام الأساسية في الاستثمار، إلا أنه لابد للمستثمر فهم بعض العوامل الأساسية التي تؤثر في تخصيص الأصول في المحفظة الاستثمارية.

يقصد بتخصيص الأصول التنوع في توزيع الأموال المستثمرة على الأصول المالية المختلفة من أسهم وسندات واستثمارات بديلة، ولابد من مراعاة التنوع عند تخصيص المحفظة الاستثمارية، بحيث تحافظ على نمو المحفظة في ظل تقلبات السوق الاستثمارية.

أولًا: تحمل المخاطر

يقصد بتحمل المخاطر مدى استعداد المستثمر لقبول فرصة خسارة الأموال خلال سعيه لتعظيم العوائد، لا يمكن معرفة مدى قدرتك على تحمل المخاطر بشكل دقيق نسبيًا دون أن تدخل السوق.

يؤثر استعداد المستثمر لتحمل المخاطر على اختيار وتخصيص الأصول المالية في المحفظة الاستثمارية، فالأشخاص المحافظون وهم الأقل ميلًا لتحمل المخاطر تشتمل محفظتهم الاستثمارية على أسهم الشركات الكبيرة، والسندات، وصناديق المؤشرات على سبيل المثال.

في حين أن الأفراد أصحاب الشهية العالية للمخاطرة تتضمن محافظهم الاستثمارية على استثمارات في شركات صغيرة، وأسهم نمو ذات قيمة سوقية مرتفعة، والذهب، والنفط، والعقارات وما إلى ذلك.

ثانيًا: العمر والأفق الزمني

يعتبر العمر من العوامل المهمة في تخصيص الأصول المالية، عادة ما يكون الشباب قادرين على تحمل المزيد من المخاطر، وذلك لأن لديهم الوقت الكافي للتعافي في حال تعرضهم للخسائر.

حيث يلاحظ أن المستثمرون الشباب يميلون للأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم. في حين المستثمرون الأكبر سنًا يميلون للاستثمار في أصول أقل خطورة، كما يحوّلون محفظتهم الاستثمارية لأصول أقل مخاطرة مع تقدمهم في السن واقترابهم من سن التقاعد، ذلك لأنهم لا يكونون قادرين على تحمل الخسائر الكبيرة، أضف إلى ذلك أن المتقاعدين يستثمرون من أجل الدخل، لذلك يميلون للاستثمار في أدوات الدخل الثابت مثل السندات.

القاعدة الأساسية في الموازنة ما بين المدى الزمني والمخاطر:

  • إذا بدأت في الأستثمار حديثًا يمكنك الاستثمار في أصول مالية خطرة، مثل الأسهم، حيث تكون محفظتك مصممة لتحقيق أهداف بعيدة المدى مثل التقاعد، وتأمين مستقبل أطفالك.
  • إذا كانت أهدافك المالية قريبة مثل التخطيط للسفر في الصيف المقبل، أو اقتربت من تحقيق أهدافك مثل التقاعد، يكون الاستثمار في أصول أكثر تحفظًا مثل السندات.

ثالثًا: نوع العمل

يعد نوع الوظيفة التي يقوم بها الفرد من العوامل المؤثرة على تخصيص الأصول المالية، فالأفراد الذين لا يعتبر دخلهم ثابت ولديهم تقلب في الدخل، هؤلاء يميلون إلى الاستثمار في أصول مالية أقل خطورة، ويسعون إلى تحقيق بعض الاستقرار من خلال تخصيص جزء من ثروتهم للاستثمار في السندات.

في حين أن الأفراد الذين يتمتعون بتدفقات نقدية ثابتة ومنتظمة من دخلهم يمكنهم تحمل المزيد من المخاطر مثل الاستثمار في الأسهم.

رابعًا: الثروة

كثيرًا ما تتردد عبارة أن الأثرياء يزدادون ثراءً والفقراء يزدادون فقرًا، التعليل المنطقي لذلك أن المستثمرون الأثرياء لديهم قدرة أكبر على تحمل المخاطر. كما أن لديهم قدرة أفضل على استيعاب الخسائر، ويعلمون أن الاستثمار ينطوي على خيارات الربح والخسارة، ولا يهابون المخاطرة لأن العوائد والمخاطر متلازمان.

من ناحية أخرى أن المستثمر الثري لن يعرص دخل أسرته وسبل معيشتهم للخطر إذا ما تعرض للخسارة، وهذا يمنحه الجسارة على الاستثمار المخاطر.

خامسًا: الحالة الاجتماعية والأطفال

الزواج والإنجاب يغير المعادلة لدى كثير من الناس، حيث يصبح المعظم أقل ميلًا إلى تحمل المخاطر بمجرد تكوين الأسرة والإنجاب وما يترافق مع ذلك من نفقات مثل إعالة الأسرة، وتكاليف الرعاية الصحية، والرسوم المدرسية.

بالتالي يصبح المستثمرين أقل ميلًا للمخاطرة مع تطور تكاليف الرعاية الأسرية، فلن يرغب الأباء في العبث بثرواتهم حتى لا يجدوا أنفسهم غير قادرين على إعالة أسرهم.

سادسًا: مستوى التضخم في البلاد

تميل البلدان التي تشهد مستويات عالية من التضخم تاريخيًا إلى الإقبال بشكل أكبر على الاستثمار في الأسهم والعقارات والأصول التي توفر الحماية ضد التضخم. لأنهم يضطرون إلى الدخول في مستويات أعلى من المخاطرة حتى لا يأكل التضخم ثرواتهم.

على سبيل المثال كانت الاستثمارات في الأسهم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أعلى من ألمانيا. تاريخيًا كانت معدلات التضخم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أعلى من ألمانيا، من ناحية أخرى كانت ألمانيا تتمتع بنظام معاشات تقاعدية حكومي جيد جدًا، مما قلل الدافع لديهم لتحقيق المزيد من العوائد من خلال الاستثمار في سوق الأوراق المالية.

اقرأ أيضًا: التضخم الاقتصادي السارق الخفي

ما قبل بناء المحفظة الاستثمارية

قبل البدء في بناء المحفظة الاستثمارية الخاصة بك، لابد من أن تقف وقفة جادة مع نفسك تحدد بها وضعك المالي الحالي بصدق، فيما يلي بعض الأمور الواجب أخذها بعين الاعتبار قبل البدء بالاستثمار.

  1. تحديد الوضع المالي الحالي: يتضمن ذلك إدراج جميع ممتلكاتك من الأصول مثل الأسهم، والسندات، وصناديق الاستثمار، والنقد، والعقارات وما إلى ذلك. بالإضافة إلى تحديد الالتزامات التي عليك كالديون، ومستحقات بطاقات الائتمان، و أقساط الرهن العقاري. سيمنحك ذلك صورة واضحة عن صافي ثروتك.
  2. سدد الديون التي عليك: خاصة ذات الفائدة المرتفعة، رتب ديونك من الأكثر تكلفة للأقل تكلفة، ثم حدد المقدار الذي يمكنك دفعة شهريًا لسداد الديون، واستمر في ذلك حتى تنتهي من جميع الديون.
  3. اشتر بيتًا: قبل البدء ببناء محفظتك الاستثمارية قم بجمع الدفعة الأولى للمنزل، وحول الإيجار الشهري لقسط في منزل تملكه أنت في المدى الطويل.
  4. إنشاء صندوق ادخار للطوارئ: يساعدك صندوق الادخار للطوارئ في مواجهة أي ظروف غير متوقعة مستقبلًا، ويحميك من الدخول في ديون جديدة. لابد أن يغطي هذا الصندوق النفقات الضرورية لمدة تتراوح ما بين ثلاث إلى ستة أشهر.
  5. ابحث عن الفرص الاستثمارية: ابحث عن الفرص الاستثمارية وحاول فهم طبيعتها وآلية عملها قبل الدخول الفعلي في الاستثمار.

اقرأ أيضًا: 5 معلومات أساسية عن صندوق الادخار للطوارئ

في الختام عزيزي القارئ لابد أن أذكر بأن الاستثمار بمحفظة استثمارية أكثر فائدة وأمنًا من الاستثمار بأصل واحد، وأن التنويع الذي توفره المحافظ الاستثمارية يمثل درعًا يحميك في مواجهة خسارة جميع أموالك في حال وضعها في استثمار واحد، ولكن في كل حال لابد من توخى الحيطة والحذر في اختيار الأصول المالية وأن لا تنجرف في فخ الإفراط في تنويع الأصول.

كيف يمكنني إنشاء محفظة استثمارية؟
ما هو تخصيص الأصول؟
ما هي العوامل التي تؤثر في تخصيص المحفظة الاستثمارية؟