من المعتاد أن نشتري السلعة وندفع مقابل للحصول عليها، وتصبح ملكاً لنا دون غيرنا، فلا يسمح لأحد أن يستهلكها، لكن ما هو المقابل الذي ندفعه حتى نحصل على شرطة داخلية تحافظ على الأمن الداخلي ؟، وكم ندفع مقابل حصولنا على قضاء عادل؟، وكذلك التعليم والصحة كم ندفع مقابل الحصول على التعليم والنظام الصحي؟، هل ما ندفعه في بعض الأحيان مقابل هذه السلع هو مقابل عادل؟،كم ندفع للحصول على شبكات الطرق والمواصلات؟ لماذا الدول هي من تقوم بتوفير هذه السلع ألا تلاحظ عزيزي القارئ أن الدول كلما تقدمت أكثر توفر المزيد من السلع من هذا النوع؟.

أتوقع أنك بدأت تستنتج أن هذه السلع من نوع خاص، نوع مختلف عن السلع التي نشتريها غالباً، هذه السلع يطلق عليها في الاقتصاد مصطلح السلع العامة، وتتميز هذه السلع بخصائص مختلفة تماما عن السلع الخاصة، تعال لنبدأ رحلتنا في عالم السلع العامة.

أولاً: مفهوم السلع العامة

هي السلع التي لا يكون الحصول عليها خاضع للتنافس، ولا تخضع للاستبعاد، وتنتجها الدولة لإشباع الحاجات العامة، وتمثل هذه السلع للشخص العادي أي سلعة تمده بها الدولة.

السلع العامة

ثانياً: متى تكون السلعة عامة

شروط عمومية السلعة:

  1. أن تكون السلعة حرّة بطبيعتها مثل ضوء الشمس والهواء، وتعتبر هذه السلع سلع عامة لأن المتاح منها يتجاوز الاحتياج اليها.
  2. أن تكون السلعة غير تنافسية ولا تقبل الاستبعاد، أو استحالة ذلك، مثل الأمن والسياسات المالية والنقدية.
  3. أن تكون السلعة غير حرة، ولا تقبل الاستبعاد ليس لاستحالة ذلك، بل لأن الاستبعاد مكلف، بالتالي تعتبرها الدولة سلع عامة ولا تطلب عوضاً عند تقديمها، مثل أنوار الشوارع فالدولة لا يمكنها منع من لا يدفع من الاستفادة منها.
  4. سلع عامة تعرّف بقرار سياسي، حيث تعرفها الدولة محليا كسلعة عامة بالتالي يكون عليها عاتق تجهيزها وتقديمها، مثل التعليم والصحة، فالدول الاسكندنافية مثلاً تقدمها مجاناً للجمهور.
  5. سلع عامة تعرّف بمواثيق دولية أو بثقافة عرفية، بحيث يتم التعارف دولياً على أنها سلعة عامة، مثل النظام النقدي الدولي فهو معرف كسلعة عامة.

ثالثاً: خصائص السلع العامة

اتفقنا في ما سبق أن هذه السلع تخضع لقوانين تختلف عن السلع الخاصة اجمالاً، وهنا سوف نوضح الخصائص التي تجعل السلعة العامة:

  1. الاستهلاك غير التنافسي: يقصد إمكانية الاستهلاك دون التأثير على المتاح للآخرين، حيث يمكن استهلاكها من قبل عدد غير محدود من الأفراد في نفس الوقت دون أن يقلل ذلك من المتاح منها للاستهلاك للآخرين. وكذلك فإن التكلفة الإضافية لأي مستهلك جديد مساوية للصفر، مثل استرشاد سفينة إضافيّة بالمنارة في البحر لن يزيد التكلفة على المنارة في توفير خدماتها.
  2. عدم القابلية للاستبعاد: أي عدم القدرة على منع الأفراد خصوصاً الذين لا يدفعون ثمن الاستفادة منها من استهلاكها، مثل الأمن والدفاع وإنارة الشوارع.
    قد لا يكون الاستبعاد مستحيلاً لكن قد تكون تكلفة الاستبعاد مرتفعة مقارنة بالفائدة، بالتالي لا يكون هناك مبرر منطقي من الاستبعاد، ولذلك تتصف السلعة بالعمومية.

رابعاً: معضلات السلع العامة

نظراً للطبيعة الخاصة للسلع العامة، فإن هناك عدة مصاعب تواجه السلع العامة وتمويلها، نورد بعضها في مايلي:

  1. عزوف المشروعات الهادفة للربح عن إنتاجها، لأنها لا تخضع لمبدأ التنافس أو الاستبعاد لذلك يعزف عنها القطاع الخاص ولا ينتجها، ويمكن للدولة العمل على تشجيع إنتاج السلع العامة من خلال منح إعانات للقطاع الخاص أو تخفيض الضرائب عليهم أو منحهم إعفاءات.
  2. عزوف الأفراد عن المساهمة الاختيارية في تمويلها، وهذا بسبب إمكانية الاستفادة المجانية من السلع العامة دون المساهمة في تمويلها، وتعد هذه المشكلة الأساسية في صعوبة الاعتماد على القطاع الخاص وقوى السوق لإنتاج السلع العامة، فهناك حاجات كثيرة تهم المجتمع في مجموعها ولكنها متى تم توفيرها للمجتمع سيستفيد منها الجميع ولا يمكن حرمان أحد منها بغض النظر عن المساهمة في تمويلها.
  3. إرتفاع تكلفة استبعاد الممتنعين عن الدفع لتمويل هذه السلع، فالدولة لا تستطيع منع الأفراد الذين لم يدفعوا ضريبة تمويل السلع العمومية من الاستفادة من هذه السلع.
  4. سيادة روح الأنانية وغياب التعاون، وهذا من شأنه أن يرفع كلفتها والضرائب على شريحة معينة من المجتمع، بالمقابل فإن تعاون أفراد المجتمع في تمويلها سيخفض تكاليف إنتاج السلع العامة، ويعزز هذا بفكرة معضلة السجينين وهي فكرة مستقاة من النظام الجنائي الأمريكي، تقوم الفكرة على أنه إذا وجد متهمين في قضية واحدة واستطاع أحدهم الإفلات من العقوبة، فإن المتهم الثاني يتحمل كامل العقوبة بمفرده. فامتناع بعض الأفراد عن تمويل السلع العامة سيزيد تكلفة التمويل على غيرهم.
  5. صعوبة توفير بعض السلع العامة العالمية مثل الاستقرار المالي والبيئة، لأنها ترتبط بأوضاع عالمية وليست إقليمية.
  6. الكلفة الحدية الصفرية لكثير من هذه السلع، والتي تقتضي أن تعرض هذه السلعة مجاناً، فلابد أن تنتج بالمستوى الذي يسوي بين السعر والكلفة الحدية، وهذا سوف يكلف الدولة ويزيد من أعبائها.
  7. صعوبة حساب العوائد للسلع العامة، حيث لا تخضع لقوانين السوق، ولا تخضع لأسس حساب الربح والخسارة المتبعة في المشروع الخاص.
  8. تهميش الكثير من السلع العامة، بسبب التوجيهات الحديثة وانكشاف الدولة، والقصور في تغطية الدولة لهذه السلع مالياً، مثلاً الدول الغربية تتوجه للجمهور لتغطية القصور من خلال الضرائب.

اقرأ أيضاً: دليلك المبسط لفهم الضرائب

خامساً: أنواع السلع من حيث العمومية والخصوصية

تتفاوت عمومية السلعة بتفاوت توافر الخصيصتين وهما كما سبق عدم القابلية للاستبعاد، والاستهلاك غير التنافسي، وتنقسم السلع بناء عليهما إلى أربعة درجات:

  1. السلع العامة البحتة: وهي السلع التي تتميز بأن استهلاكها غير تنافسي، وتكون غير قابلة للاستبعاد مثل الدفاع، والأمن، والمنارة في البحر.
  2. السلع العامة المحلية “سلع النادي”: يشترك في استهلاكها أعضاء النادي أو المقيمون في منطقة معينة، ويدفعون مقابل الاستمتاع بخدمات إضافية، ويمكن بسهولة منع استهلاكها من قبل غير الأعضاء أو غير المقيمين. بالتالي فاستهلاكها غير تنافسي وقابلة للاستبعاد في حال عدم الاشتراك في الدفع، مثل الطرق السريعة محددة الدخول، والشواطئ، وأماكن انتظار السيارات.
    كما تشمل هذه الدرجة السلع المعرضة للتكدّس: وهي سلع غير تنافسية، لكن تصبح تنافسية عندما تصل للطاقة القصوى للاستيعاب، مثل مواقف السيارات والنوادي والمكتبات والحدائق.
  3. السلع التي يترتب على إنتاجها آثار خارجية سواء كانت إيجابية أم سلبية، على الأطراف خارج العملية التعاقدية، أو خارج عملية الإنتاج والاستهلاك والتبادل، فهي سلع تنافسية إلى حد ما، وقابليتها للاستبعاد قليلة بسبب أهمية آثارها الخارجية بالنسبة للمجتمع، مثل التعليم والصحة والطرق المحلية وجمع القمامة.
  4. السلع الخاصة والتي تكون تنافسية الاستهلاك وقابلة للاستبعاد، وهي السلع التي نتعامل معها في تلبية رغباتنا وحاجاتنا .

اقرأ أيضاً: ما هي أهداف المجتمع الاقتصادي

السلع العامة

سادساً: تسعير السلع العامة

توفير السلع العامة يكلف الدول مبالغاً ضخمة جداً، وقد لا تكون الدول قادرة على تغطية هذه التكاليف بشكل كامل، فتلجأ في بعض الأحيان إلى تحميل المواطنين جزءاً من هذه التكاليف، فكيف تقوم الدول بتسعير هذه السلع العامة على الجمهور:

  1. تسعير السلعة العامة بسعر التكلفة، وتسعيرها بهذا السعر لا يؤمن للحكومة أي إيراد، فالسلع العامة إذا كانت كلفتها الحدية تساوي صفر، يفترض أن يكون سعرها صفر وتقدم بالمجان، لكن لم إذا لم يكن لدى الدولة موارد كافية لتغطيتها وتمويلها، أو كان الناس يبددّون الموارد والسلع العامة المقدمة، في هذه الحال لا بدَّ من تسعير السلع العامة وأخذ مقابل عنها ليتسنى للحكومة تمويلها.
  2. تسعير السلع العامة الذي يتساوي مع متوسط الكلفة، بحيث يكون الإيراد الكلي للسلع العامة يساوي التكلفة الكلية، بحيث يقسم الإيراد الكلي على المستفيدين منها.
  3. التسعير لغرض أو هدف خاص، حيث تستهدف الدولة قصد آخر غير القصد المالي، مثل التشجيع على استخدام سلع معينة أو الحد من استخدامها، مثلاً لو أرادت الدولة منع شراء سلعة معنية فإنها تسعرها بسعر أكبر من متوسط الكلفة، ولو أرادت تشجيع ودعم بعض السلع الضرورية تسعرها بسعر أقل من متوسط الكلفة.

سابعاً: تمويل السلع العامة

بعد تحديد كيفية تسعير السلع على المواطنين، سنبين كيف ستفرض الدولة هذه التكاليف على مواطنيها:

  1. التمويل عن طريق الرسوم، والرسوم: دفع مبلغ معين جبراً عن كل خدمة تقدمها الدولة. تتميز الرسوم عن الضرائب في أن الرسوم تكون مقابل خدمة معنية، في حين الضرائب لا يكون هناك عائد خاص على دافعها.
  2. التمويل عن طريق الضرائب: والضرائب هي اقتطاع مالي تقوم به الدولة جبراً عن الممول، وفقاً لمقدرته التكليفية ومساهمةً منه في الأعباء العامة بغض النظر عن المنافع الخاصة التي تعود عليه، وتستخدم حصيلتها في تمويل الحاجات والسلع العامة.
  3. التمويل من الجمهور: سواء من داخل الدولة بالاقتراض الداخلي، أو من خارج الدولة بالاقتراض الخارجي.

يتضح لنا مما سبق أنه لا غناء للأفراد ولا غناء للدول عن السلع العامة، حيث تساهم السلع العامة في تنمية البلدان، كما أنّها مؤشر على الرفاه الاقتصادي ودرجة التقدم التي وصلت لها الدولة.

ما هي السلع العامة؟

هي السلع التي لا تخضع للمنافسة، والسلع التي لا تخضع للاستثناءات، والسلع التي تنتجها الدولة لتلبية احتياجات الناس وكل ما تقدمه الدولة لعامة الناس.

ما هي خصائص السلع العامة؟

غالبًا ما تخضع الملكية لقوانين مختلفة عن الملكية الخاصة، حيث تمتاز بـ الاستهلاك غير التنافسي وعدم الاستبعاد، وهما من خصائص السلع العامة

ماهو الفرق بين السلع الاقتصادية والسلع الحرة ؟
ما المقصود بالسلع العامة؟
متى تكون السلعة عامة ؟