من المؤكد أنك سمعت عن قانون الضرائب أو لاحظت وأنت تتفقد فاتورة المطعم بند الضريبة، تقريباً نحن ندفع الضريبة على مقابل كثير من الخدمات، لكن قد يكون بند الضريبة ظاهر وقد ندفعها دون أن نتنبه لذلك!.
لكن ما الذي يجب علينا كأفراد أن نعرفه عن الضرائب؟، في هذا المقال سنعرض لموضوع الضريبة بشكل ميسر.
أولاً: ماهي الضرائب
الضرائب هي اقتطاع مالي لصالح الدولة، تأخذه بشكل اجباري من المُمول “الأفراد”، يقوم بدفعه بحسب مقدرته التكليفية، مساهمة منه في الأعباء العامة، بعض النظر عن المنافع الخاصة التي تعود عليه، تستخدم الضريبة في تغطية النفقات العامة للدولة، وتحقيق أهداف سياسية ومالية.
أوليفر ويندل هولمز
قاضي المحكمة العليا الأمريكيةالضرائب هي الثمن الذي ندفعه للمجتمع المتحضر
ثانياً: عناصر الضرائب
- الضريبة اقتطاع مالي نقدي لصالح الدولة، تنقل بصفة نهائية من دافعها إلى الدولة، تجبى الضريبة بشكل نقدي لأن ذلك أكثر انسجاماً مع النظام المالي المعاصر.
- الضريبة تفرض وتدفع جبراً عن الأفراد، فالضريبة تعتبر من مظاهر سيادة الدولة ومن مظاهر التضامن الاجتماعي كذلك، حيث تقوم الدولة بتحديد سعر الضريبة ووعائها وطرق تحصيلها قانونياً، كما تقوم الدولة بتنفيذها بشكل جبري وعند امتناع الأفراد عن دفعها يجوز للدولة فرض عقوبات على ذلك.
- عدم وجود نفع خاص على الفرد، وتفرض وفقاً لمقدرة الفرد التكليفية للممول أي قدرته المالية، حيث يساهم أفراد المجتمع يساهمون في نفقات المجتمع من خلال الضريبة، ولا ينتظر الأفراد نفع خاص يعود على الفرد مقابل هذه المبالغ، لكن يستفيد الفرد مما يدفعه من خلال الخدمات التي تقدمها الدولة للمجتمع ككل، مثل البنية التحتية والحدائق والخدمات التعليمية والصحية في بعض الدو.
- تعد الضريبة أداة مالية تستخدمها الدول في تحقق التوازن الاقتصادي والاجتماعي وسياسة.
اقرأ أيضاً: العدالة التوزيعية في النظم الاقتصادية، أيها أكثر عدلاً؟
ثالثاً: القواعد الأساسية للضرائب
هناك مجموعة من القواعد لابد للدول أن تراعيها عند فرض الضرائب بما يحقق مصلحة المُمول “الأفراد” وبنفس الوقت يحقق مصلحة الدولة، وهذه القواعد هي العدالة، واليقين، والملائمة والاقتصاد.
قاعدة العدالة
يقصد بقاعدة العدالة أن مساهمة كل فرد من أفراد المجتمع بالأعباء العامة تكون بحسب مقدرته، وتقاس مقدرته بمقدار دخله من جميع مصادره مثل الريع والأرباح والأجور، وحتى تكون الضريبة عادلة لابد أن تكون عامة وموحدة.
-
عمومية الضريبة
يقصد بالعمومية أن تكون الضريبة عامة بأن تشمل جميع أنواع الأموال والتصرفات المالية داخل حدود الدولة، كما تشمل جميع الأشخاص في الدولة، وأن تحقق العمومية الشخصية من خلال شمولها لجميع الأشخاص من حاملي جنسية الدولة بغض النظر عن مكان العمل، وكذلك الأجانب المقيمين في الدولة.
-
وحدة الضريبة
يقصد بها أن يتساوى الأفراد جميعاً في تحمل عبء الضريبة، بحيث تكون النسبة المستقطعة من وعاء الضريبة ثابتة مهما بلغ مقدار الوعاء الضريبي “المال الذي تؤخذ منه الضريبة”، وذلك بهدف تحقيق المساوة ومنعاً للتحكم في فرض الضرائب بتغيير سعر الضريبة من فئة لأخرى.
قاعدة اليقين
يقصد باليقين أن تكون الضريبة مؤكدة وليست تحكمية، أي أنها محددة في وقت أدائها، وطريقة دفعها، كما تكون محددة من حيث المقدار بدون غموض، بحيث يستطيع الفرد الاستعداد لدفعها وأن يتظلم لدى المختصين إذا اقتضت الحاجة لذلك.
لذلك لابد أن يكون النظام الضريبي مستقراً وثابتاً، ولا يدخله تعديلات تحكمية تؤدي إلى حدوث نزاع وفساد وعدم تحقيق للعدالة.
قاعدة الملائمة
الملائمة تعني أن الضريبة يجب أن تجبى في وقت مناسب للفرد وبطريقة مناسبة له.
قاعدة الاقتصاد
يعني الاقتصاد أن تجبي الدولة الضريبة بأقل تكاليف ممكنه، بحيث لا يكون مبالغة في تكاليف جباية الضرائب مما ينقص الحصيلة.
اقرأ أيضاً: الدورات الاقتصادية ، كيف تحدث الأزمات الاقتصادية؟
رابعاً: الوعاء الضريبي
يقصد بالوعاء الضريبي الوعاء المالي الذي تؤخذ منه الضريبة، عند الحديث عن الوعاء الضريبي لابد أن نتحدث عن كيف يتم تحديد المادة الخاضعة للضريبة؟، وكيف تحدد المقدرة التكليفية للفرد؟، وكيف يحدد سعر الضريبة؟.
المادة الخاضعة للضريبة
يمكن تحديد موضوع الضريبة وفق عدة طرق وهي:
-
الضريبة الواحدة والضرائب المتعددة
أن الدولة تفرض ضريبة وحيدة رئيسية، وتفرض ضرائب غيرها ولكنها حصيلتها تعتبر صغيرة بالمقارنة مع الضريبة الرئيسية.
تتميز هذه الضريبة بأنها تحقق العدالة فهي تعفي الحد الأدنى من المعيشة، وتراعي الأعباء العائلية كما يمكن تطبيق التصاعدية فيها، وكذلك فإنها تحقق الاقتصاد في جباية الضريبة فهي لا تحتاج إلا إدارة واحدة، بالإضافة إلى أنها تحقق الملائمة للممول فالفرد يعرف مقدار العبء المالي الذي يقع على عليه.
إلا أنها تتضمن لعدة عيوب، كشعور الفرد بالعبء الضريبي نتيجة دفع مبلغ كبير مرة واحدة، مما يشجع التهرب الضريبي، في حين لا يشعر بالعبء الضريبي في حال تطبيق الضرائب المتعددة. كما أنه لا يمكن للدولة من استخدامها في تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي على خلاف الضرائب المتعددة التي يمكن استخدمها في ذلك.
-
الضرائب على الأشخاص والضرائب على الأموال
تفرض الضرائب على الأشخاص باعتبار الشخص نفسه هو وعاء الضريبة بغض النظر عن دخله واستهلاكه ورأسماله، تعتبر ضريبة الأشخاص غير عادلة لأنها تفرض نفس المقدار على كل شخص دون النظر لاختلاف المقدرة التكليفية بين الأفراد.
أما ضريبة الأموال فهي تفرض على الأموال باعتبارها وعاءًا ضريبياً، حيث تفرض على الدخل والثروة، وتعد ضريبة الأموال أكثر تحقيقا للعدالة حيث تراعي اختلاف المقدرة التكليفية للأفراد.
-
الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة
الضريبة المباشرة
يقصد بالضرائب المباشرة الضريبة التي يستقر عبئها على دافعها دون أن يتمكن من نقلها إلى غيره، تتميز الضريبة المباشرة بأن وعائها يتصف بالاستقرار والثبات وينتج عن ذلك تحقيق حصيلة أكبر من الضرائب، كما تحقق العدالة لأنها تراعي مقدرة الفرد التكلفية، كما تحقق الملائمة لظروف الممول فتحدد ضمن شروط ومواعيد مناسبة له، مثل ضريبة الدخل.
إلا أنها تنطوي على عدة عيوب أن ثبات حصيلتها لا ينمو مع نمو الاقتصاد، كما تتصف بقلة المرونة فلا يمكن الاعتماد عليها لوحدها كأساس للنفقات العامة. كما أن الفرد يشعر بعبء دفعها مما يشجعه على التهرب الضريبي.
اقرأ أيضاً: 7 أمور يجب معرفتها عن السلع العامة
الضريبة غير المباشرة
هي الضريبة التي يمكن للفرد أن ينقل عبء دفعها لغيره من الأفراد، ترتبط الضرائب غير المباشرة بحدوث وقائع متقطعة أي أنها ترتبط باستعمالات الثروة مثل الاستهلاك أو تداول الثروة، مثل شراء السلع ونقل الملكية وضرائب المبيعات.
تتميز الضريبة غير المباشرة بأن عنصر الإجبار فيها أقل وضوحاً فالفرد يدفعها باختياره عند قيامه بمعاملات محددة، من ناحية أخرى فالضريبة غير المباشرة تؤخذ من كل الأفراد بحسب المقدرة الاستهلاكية لكل فرد.
كذلك لا تسلم الضريبة غير المباشرة من بعض العيوب فهي غير عادلة حيث أنها تفرض غالبا على السلع الضرورية فأثرها أكبر على الفئات الأقل دخلاً، كما أن حصيلتها غير ثابتة وتتأثر بالأزمات الاقتصادية.
لذلك يجب على الدولة أن تجمع بين نوعي الضريبة المباشرة وغير المباشرة لتحقيق التوازن والوصول إلى الأهداف الاقتصادية التي ترجوها الدولة.
اقرأ أيضاً: ما هي أهداف المجتمع الاقتصادي
وتنقسم الضرائب بحسب مادة الضريبة إلى ضريبة دخل، وضريبة رأس مال، وضريبة الإنفاق والتداول وهذه الأخيرة إما عند الاستهلاك أو انتقال المال من يد لأخرى.
الضرائب بحسب القدرة التكليفية
-
ضريبة شخصية
في الضريبة الشخصية لا يقتصر حساب المقدرة التكليفية على حجم الثروة وحده، وإنما تدخل بالحسبان الظروف الشخصية، حيث يراعى حد الكفاية للفرد الأعباء العائلية والمهنية.
-
الضرائب العينية
يراعى في الضرائب العينية حجم الثروة فقط، وتركز على المال الخاضع للضريبة دون النظر إلى ظروف المكلف.
تحديد سعر الضرائب
-
الضريبة النسبية
الضريبة النسبية تكون نسبة ثابتة لا تتغير، وهي تحقق بذلك مبدأ العمومية والعدالة، تتميز بانخفاض تكاليف جبايتها، في حين يعاب عليها أنها تساوي ما بين الفقير والغني لأن عدالتها ظاهرية فقط.
-
الضريبة التصاعدية
تأخذ الضريبة التصاعدية بعين الاعتبار التفاوت في دخول وثروات الأفراد، وقد اخذت بها التشريعات الحديثة، للتصاعدية في الضريبة أشكال متعددة:
- التصاعد في الطبقات حيث تدفع كل طبقة سعراً مختلفاً.
- التصاعد في الشرائح بحيث تقسم المادة الخاضعة للضريبة إلى عدة شرائح كل شريحة لها سعر مختلف.
- التصاعد عن طريق الخصم مع بقاء السعر الأسمي ثابتاً.
- التصاعد عن طريق الإعفاءات، بحيث يعفى الحد الأدنى من المعيشة وباقي الدخل تفرض عليه سعر ضريبة واحد لا يتغير.
- التصاعد عن طريق التنازل، حيث ينخفض سعر الضريبة في الأجزاء الأولى من الدخل.
وفي النهاية تعد الضرائب مصدر رئيسي للموارد في الدول الحديثة، تتفاوت الدول من حيث مقدار الضرائب المفروضة فيها، كما تتفاوت في الخدمات التي تقدمها لمواطنيها، برأيك عزيزي القارئ هل توفر بلدك خدمات موازية لما تجبيه من ضرائب؟.