يمر النشاط الاقتصادي بأربعة مراحل وهي الانتعاش ثم الروّاج يصل فيه الاقتصاد إلى اعلى نقطة يمكن أن يصلها ثم يبدأ بالتراجع والدخول في مرحلة الركود الاقتصادي، في حال استمرت مرحلة الركود الاقتصادي لمدة طويلة يدخل الاقتصاد فيما يسمى بالكساد، هذه الأربع مراحل يشار إليها بمصطلح دورات الأعمال أو الدورات الاقتصادية.

اقرأ أيضاً: الدورات الاقتصادية ، كيف تحدث الأزمات الاقتصادية؟

ماهو الركود الاقتصادي

الركود الاقتصادي هو انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي العام في منطقة معينة، يدوم أكثر من بضعة أشهر. حيث يكون انخفاض في المؤشرات الاقتصادية الخمسة التالية: الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والدخل الحقيقي، والعمالة، الإنتاج الصناعي، ومبيعات التجزئة بالجملة.

غالبًا ما يشير الاقتصاديون إلى أن الركود الاقتصادي هو ما يحدث عندما يكون هناك انخفاض في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين أو أكثر (ربع سنة أي ثلاث أشهر)، إلا أن الركود يمكن أن يبدأ بهدوء قبل صدور تقارير الناتج المحلي الإجمالي الفصلية، لذلك يرى البعض أنه لابد من احتسابها كل 6 أشهر.

أسباب الركود الاقتصادي

أسباب الركود الاقتصادي

1- فقدان ثقة الأفراد في الاستثمار والاقتصاد

فقدان الثقة بالاقتصاد سيعمل على تقليل أو توقف المستهلكين عن عمليات الشراء والانتقال إلى وضع أكثر حفظاً للمال عن مقارنة بالفترات السابقة، سيؤثر هذا الوضع على مبيعات التجزئة حيث ستكون أكثر بطئاً مما يمهد لحدوث الركود الاقتصادي. ومن الجهة المقابلة ستكون هناك إعلانات التوظيف أقل، نتيجة لهذه الأوضاع سيقلل المصنعون الإنتاج ويبدأون بتسريح العمال مما يرفع معدل البطالة يرتفع.

2- انخفاض في البورصة وسوق الأسهم

سينعكس فقدان الثقة المفاجئ بالاستثمار والاقتصاد على سوق الأوراق المالية بشكل مباشر، حيث سينخفض سوق الأسهم ويبدأ الاستنزاف لرأس مال الشركات.

3- انخفاض أسعار المساكن

مع اضطراب أسواق الأسهم ستقل الاستثمارات في السوق العقاري، لعدم قدرة المستثمرين على تحمل عبء قروض إضافية للاستثمار العقاري من ناحية، ولعدم قدرة المقترضين على تسديد إلتزاماتهم الشهرية، وهذا كان السبب الرئيسي لأزمة الرهن العقاري في 2008، مما أدى إلى انخفاض قيمة العقارات بالتالي خسارة البنوك الكثير من الاستثمارات التي استندت إلى قيمة المنازل الأساسية.

اقرأ أيضاً: الفرق بين الركود الاقتصادي و الكساد

4- البطء في أوامر الإنتاج

انخفاض أو تباطؤ الاستهلاك سوف ينعكس على تكدس السلع لفترات أطول، وهذا بدوره سوف يؤدي إلى تباطؤ طلبات التوريد الجديدة بالتالي انخفاض التصنيع، وهذا ما حدث في أزمة الرهن العقاري حيث بدأت الطلبات على السلع المعمرة تتراجع في أكتوبر 2006، قبل فترة طويلة من حدوث الأزمة في عام 2008.

5- الإدارة السيئة

تتسبب الممارسات التجارية السيئة في حدوث فترات الركود الاقتصادي، إن عجز البنوك عن إدارة الديون المتعثرة والمشكوك بها سيؤدي إلى خسائر كبيرة لدى القطاع المالي، على سبيل المثال فشل أكثر من 1000 بنك بإجمالي أصول 500 مليار دولار نتيجة تقلبات أسعار  الأراضي والديون المشكوك فيها خلال أزمة 2008.

6- انخفاض الأجور

تعد الأجور سواء كانت رواتب شهرية أو أجور يومية تعتبر الرافد الأساسي للطلب الكلي، فإذا انخفض الدخل سوف ينخفض معه طلب الأفراد على المنتجات، ويترتب على ذلك تكديس المنتجات ثم إيقاف الانتاج وتسريح العمال، وهذا يعني فقدان أسر جديدة لمصدر دخلها مما يؤدي إلى انخفاض جديد في الطلب الاستهلاكي والطلب الكلي بشكل عام.

اقرأ أيضاً: 4 معلومات جوهرية عن معدل البطالة

7- الركود الاقتصادي بسبب الحروب

تؤدي الحروب إلى شلل في النشاط الاقتصادي، لأن الحروب تعمل على تدمير البنية التحتية، وهروب الاستثمارات ورؤوس الأموال لعدم وجود بيئة مناسبة ومستقرة للنشاط الاستثماري.

8- انفجار فقاعات الأصول

يقصد بفقاعات الأصول الارتفاع المبالغ فيه لأسعار الأصول مثل الذهب والأسهم والعقارات، إن الانخفاض في أسعار الأصول الذي يأتي بعد الارتفاع المبالغ لأسعارها يمهد لحدوث ركود اقتصادي، وقد حدث هذا في أزمة 2008 عندما ارتفع سعر الأسهم بشكل مبالغ فيه، ثم أعقب ذلك انخفاض حاد في البورصات العالمية.

اقرأ أيضاً: التضخم الاقتصادي السارق الخفي

9- الانكماش الاقتصادي

انخفاض الأسعار قد يسبب الركود وقد يكون له آثار سلبية أكثر من التضخم، الانكماش الاقتصادي يقلل من قيمة السلع والخدمات في السوق، وهذا يشجع الأفراد على الانتظار وعدم الشراء لامكانية انخفاض الأسعار بشكل أكبر مستقبلا، وهذا يقلل الطلب الكلي مما يؤدي إلى الركود الاقتصادي.

10- الأوبئة والأمراض المعدية

يؤدي انتشار الأوبئة والأمراض المعدية على نطاق واسع في المجتمعات إلى الركود الاقتصادي، وذلك بسبب ما يرافقها من اجراءات الوقاية والحجر الصحي، وهذا ما نعايشه حالياً مع فيروس كوفيد19، حيث نرى معظم الدول قامت بعمليات الحجر الصحي الاجباري مما ادى إلى تعطيل الشركات والمصانع وعموم الأنشطة الاقتصادية، تشير التقديرات أن سوق الأوراق المالية شهدت أسوأ أسبوع لها منذ أزمة 2008، وحذرت شركات مثل Apple وMastercard وUnited Airlines، وغيرها من الشركات أشارت إلى أن فيروس كوفيد 19 سوف يضُر بالأرباح.

اقرأ أيضا: ما هي أهداف المجتمع الاقتصادي

أسباب الركود الاقتصادي

علاج الركود الاقتصادي

لعلاج الركود الاقتصادي لابد من تدخل السلطات الاقتصادية لاتخاذ التدابير والإجرارات اللازمة للخروج من الركود الاقتصادي:

1- سياسة السوق المفتوحة

ينتج عن الركود الاقتصادي فائض سلعي، ستسعى السلطات الاقتصادية للتأثير في حجم العرض النقدي، من خلال دخول المصرف المركزي في السوق النقدي كمشترٍ للأوراق المالية ينتج عن ذلك زيادة حجم المعروض النقدي بحيث يبلغ مستويات يكون قادر معها على امتصاص الفائض السلعي.

2- تخفيض سعر الفائدة

في حالات الركود الاقتصادي يقوم البنك المركزي بتخفيض سعرا لفائدة، وهذا يعزز قدرة البنوك التجارية على الإقراض ومن ناحية أخرى فإن تخفيض سعر الفائدة يقلل الميل نحو الادخار  مما يساهم في زيادة حجم المعروض النقدي ليكون قادر على امتصاص الفائض السلعي. 

اقرأ أيضاً: الآثار الاقتصادية للربا: كيف ينظر الاقتصاديون للربا

3- تخفيض الاحتياطي الإلزامي للبنوك

الاحتياطي الإلزامي للبنوك هي نسبة يجبر البنك المركزي البنوك التجارية على الاحتفاظ بها لديه، ويستخدم البنك المركزي هذه الإحتياطيات الإلزامية كأداة لضبط النشاط الاقتصادي بشكل عام ، في حالات الركود الاقتصادي يقوم البنك المركزي بتخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي مما يؤدي إلى زيادة قدرت البنوك التجارية على منح القروض ليتصاعد حجم المعروض النقدي ويؤدي إلى تحفيز الاستهلاك مما يؤدي إلى تخفيض الفائض السلعي بشكل أسرع.

4- تقليل الضرائب

تعد الضرائب من الأدوات المالية التي تستخدمها السلطات الاقتصادية لضبط النشاط الاقتصادي، حيث تقوم السلطات الاقتصادية في حالة الركود الاقتصادي بتخفيض الضرائب، بهدف زيادة المتاح من  المعروض النقدي بحيث يتجه للاستهلاك والتقليل من المعروض السلعي.

5- زيادة الإنفاق الحكومي

تلجأ الحكومات في سبيل زيادة المعروض النقدي إلى زيادة الانفاق الحكومي في المشروعات والمكافآت وإلغاء بعض الرسوم أو  تخفيضها، بحيث توجه حصة أكبر من المعروض النقدي لتخفيض المعروض السلعي.

يترتب على الركود الاقتصادي الكثير من الآثار السلبية على الاقتصاد مثل البطالة وانخفاض قيمة الأصول وفشل البنوك والتراجع في النشاط الاقتصادي، إلا أن الركود الاقتصادي هو جزء طبيعي من دورات الأعمال، إلا أنه يتوجب على الحكومات أن تسعى لتقليل مدته واضراره بأكبر قدر ممكن، فعلى الرغم من أن الركود الاقتصادي مؤقت إلا أن  الآثار السلبية الناتجه عنه كبيرة، كما أن آثاره سوف تمتد للجوانب الاجتماعية والساسية فضلا عن الجوانب الاقتصادية.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر البنك المركزي على النشاط الاقتصادي؟

وفي النهاية برأيك عزيزي القارئ هل سيؤدي بنا فيروس كوفيد 19 إلى ركود قادم؟.

كيفية علاج الركود الاقتصادي ؟
ماهي المؤشرات التيتدل على الدخول في الركود الاقتصادي ؟